في مقابل التجاهل الذي حظي به الاتفاق الخاص بتخصيب اليورانيوم الذي تم إبرامه بين إيران وتركيا والبرازيل تسعى الدول الثلاث إلى إقناع المجتمع الدولي بأن ما تم إبرامه يشكل مدخلاً لاحتواء مشكلة البرنامج النووي الإيراني. وفي إطار ذلك اجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث في اسطنبول يوم الأحد الموافق 25 يوليو 2010 لإجراء المزيد من النقاش حول الصفقة. ووفقاً للصفقة وافقت إيران على إرسال جزء من اليورانيوم الذي بحوزتها إلى الخارج للقيام بتخصيبه بنسبة 20 بالمائة. وفيما يبدو فإن موافقة إيران على إرسال اليورانيوم إلى الخارج للتخصيب ليس لأنها مقتنعة بذلك، لكنها تأتي ضمن مناورة كانت تهدف إلى منع فرض المزيد من العقوبات الجديدة عليها، لكن تلك المناورة فشلت حيث قامت الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ومؤخراً الاتحاد الأوروبي بفرض المزيد من العقوبات القوية عليها وشرعت في تنفيذها. ومن جانبها لا زالت كل من تركيا والبرازيل تطمح في أن تعطي إيران فرصة جديدة لكي تعدل ممارساتها النووية. والملاحظ هو أن دول الغرب غير مقتنعة بما تم الاتفاق عليه بين إيران وتركيا والبرازيل، وتنظر إلى المسألة على أنها مناورات تهدف إيران من وراءها إلى كسب الوقت للمضي قدماً في تنفيذ برنامجها النووي العسكري، الأمر الذي تنفيه إيران بشدة وتقول إن البرامج النووية التي تقوم بتنفيذها هي برامج سلمية تهدف إلى تحقيق تنمية مصادر الطاقة وإيجاد استخدامات تنموية سلمية في مجالات الطب والهندسة. لكن الشكوك الغربية لم تأت من فراغ، فمنذ أن قامت المعارضة الإيرانية في الخارج بالكشف عن الطبيعة السرية والعسكرية للبرامج النووية لإيران، تم اكتشاف عدد من المواقع النووية السرية التي لم تكشف الحكومة الإيرانية عنها من قبل، ولم تبلغ بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي تقديري أن التجاهل الغربي لما تم إبرامه من اتفاق بين إيران وتركيا والبرازيل يقوم على حسابات بشأن الكميات التي وافقت إيران على إرسالها للتخصيب في الخارج وهي 1200 كيلوجرام، فهذه الكمية تم اقتراحها لأن المخزون النووي الإيراني من اليورانيوم منخفض التخصيب قد تضاعف خلال تلك المدة. وبهذا التجاهل فإن مشكلة البرنامج النووي الإيراني ستبقى تراوح مكانها إن لم تتفاقم في الأشهر القليلة القادمة، وهذا بدوره يلقي مسؤوليات جسام على إيران والمجتمع الدولي للخروج بسلام من هذه المشكلة التي تشكل تهديداً مرعباً للأمن العالمي. وما يقودنا إلى هذا الطرح هو المواقف المتشددة من قبل الطرفين، إيران وما تطلقه من تصريحات قوية بشكل متكرر وبما معناه أنها لن تتراجع عن حقها في أن يكون لديها برنامج نووي بالطريقة التي تراها مناسبة، والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين يرون بأن ما تقوم به إيران من نشاطات نووية لا تصب في خانة الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بل ستقود حتماً إلى امتلاكها للسلاح النووي في القريب العاجل. د. عبدالله جمعة الحاج