النواب العرب يعانون في الكنيست... و"ديمقراطية" إسرائيل مزيفة محاولات طرد العرب من "الكنيست"، واستمرار تداعيات حادث الاعتداء على أسطول الحرية، والرد على اتهامات حسن نصر الله، وإسرائيل ما بعد الصهيونية... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية... ماذا بعد طرد العرب من الكنيست؟: سؤال يسعى الكاتب الإسرائيلي، جيدعون ليفي، إلى الإجابة عنه في المقال الذي نشرته صحيفة "هآرتس" يوم الأحد الماضي، فبكثير من المرارة يرصد الكاتب اللغط الذي أثارته مؤخراً دعوات بعض السياسيين وأعضاء الكنيست لطرد النائبة العربية، حنين زعبي، التي تعرضت لهجوم كاسح فقط لأنها عبرت عن رأيها الخاص وعارضت القوانين التمييزية التي يسعى البعض لسنها وفرضها على العرب داخل إسرائيل، فما الذي يريده نواب حزب "إسرائيل بيتنا" وباقي نواب الأحزاب "اليمينية" والقومية المتطرفة بإخراج العرب من الكنيست؟ وما هو البديل أمام العرب في حال حرموا من ممثليهم؟ فبالإضافة إلى إدانته الصريحة لمثل هذه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها النواب العرب في الكنيست ومحاولات التشكيك في ولائهم فقط لأنهم يعارضون سياسة الدولة ويطالبون بمزيد من الحقوق لناخبيهم العرب يدعو الكاتب إسرائيل إلى الاعتراف بدينها الذي عليها إلى الجمهور العربي داخل إسرائيل وإلى ممثليهم في الكنيست، فهم على سبيل المثال ليسوا أكثر نزوعاً نحو الانفصال من الباسك في إسبانيا رغم أن أسبابهم أقوى، علماً أنهم ليسوا بنفس درجة عنف نشطاء "الباسك"، فبدلا من تقديم الشكر لهم لأنهم قبلوا المشاركة في لعبة سياسية لا تخفي تمييزها ضدهم وآثروا الاندماج في الديمقراطية الإسرائيلية، يقابلون بالتضييق وانعدام التسامح، فالعرب محرومون منذ الولادة من حقوق بناء المنازل يدلل على ذلك عقد مقارنة بسيطة بين نسبة البطالة والفقر بين الجمهورين اليهودي والعربي، لكن ذلك كله لم يمنع العرب من المحاولة والنضال السياسي السلمي علهم ينجحون في تحسين أوضاعهم والتخلص من وصمة المواطن من درجة ثانية، أو الطابور الخامس، لهذا كله يسأل الكاتب المطالبين بطرد العرب من الكنيست عن البديل المتبقي أمامهم الذي بالقطع سيكون مخيفاً ولن يعجب الإسرائيليين. استعارة أسطول الحرية: في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي اعتبرت صحيفة "هآرتس" أن المشاكل التي أثارتها حادثة أسطول الحرية على الصعيد الدولي وطريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية معها ليست سوى استعارة تؤكد حقيقة الفشل الحكومي في التعاطي مع تداعياتها، فقد رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية تبرير الحكومة بعدم إدراجها امرأة ضمن أعضاء اللجنة المحلية التي تحقق في ملابسات الحادث، فبالإضافة إلى رئيس الوزراء، ووزير العدل "ياكوف نيمان" يتحمل المسؤولية أيضاً رئيس اللجنة نفسه، جاكوب توركيل" على عدم احترام القانون الجديد حول المساواة بين الرجال والنساء، لكن الفشل الحكومي يتضح أكثر حسب الصحيفة في خروج اللجنة المحلية التي أقيمت أصلاً لمواجهة الضغوط الخارجية والتحكم في مجرياتها عن السيطرة الحكومية، فقد أُنشئت المحكمة لهدف محدود يتمثل في مراجعة الموقف القانوني لإسرائيل من بعض القضايا والتحقق من تطابقه مع القانون الدولي مثل تفتيش السفن والحصار على غزة، إلا أن اللجنة قررت طرق مواضيع أخرى أكثر إثارة بالنسبة للرأي العام، وفيما اعتقدت الحكومة أن التحقيق سيشمل فقط المسؤولين الكبار ها هي اللجنة تستدعي جنرالات في الجيش للتحقيق معهم، هذا في الوقت الذي تضخمت اللجنة من ثلاثة أعضاء إلى خمسة مع رفض المراقبين الدوليين اللذين عينتهما الحكومة الاكتفاء بموقف المتفرج، مطالبين بالاطلاع على الوثائق السرية، وحتى في التعامل مع اللجنة الأممية وجدت الحكومة نفسها عاجزة عن فرض شروطها بعدما اعترض الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على استثناء الجنود الإسرائيليين من الاستجواب كما كانت تطالب بذلك إسرائيل. "رداً على نصر الله" خصصت "جيروزاليم بوست"افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي للرد على المؤتمر الصحفي الذي عقده زعيم "حزب الله" وعرض فيه قرائن وأدلة تشير إلى احتمال تورط إسرائيل في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل، رفيق الحريري، فالصحيفة وإن كانت تعترف بقدرات "حزب الله" في اختراق الطائرات الإسرائيلية وفك شفرتها، إلا أنها تؤكد في الوقت نفسه أن تاريخ الأشرطة التي عرضها نصر الله تعود إلى بداية التسعينيات عندما كانت التكنولوجيا وقتها محدودة ويمكن اختراقها، كما أن العملية برمتها تدرجها الصحيفة في إطار الحرب النفسية التي يشنها الحزب منذ فترة على إسرائيل والترويج لادعاءات الهدف منها، كما تقول، نزع الشرعية عن الدولة العبرية، لكن يبقى الهدف الأهم في رأي الصحيفة هو محاولة الحزب صرف الانتباه عن المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري بعد تسرب معلومات تشير إلى أن قرار المحكمة سيتهم عناصر الحزب بالتورط في العملية، وهو ما أدى بالحزب الذي استشعر الخطر التلويح بالتهديد والسعي إلى الضغط على القوى الداخلية الأخرى للإذعان لشروطه، فالصحيفة ترى أن الحزب يستخدم ورقة التخويف من الفتنة الطائفية والمذهبية للتخلي عن المحكمة، أو رفض قراراتها، لا سيما وأن حادثة اكتساح قوات "حزب الله" في السابع من شهر مايو 2007 لوسط بيروت واجتياحه للبلدات الدرزية مازال ماثلا في الأذهان. إسرائيل ما بعد الصهيونية: ينتقد الكاتب الإسرائيلي، "أفراهام بوج" في مقاله المنشور بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم أمس الثلاثاء الواقع الإسرائيلي الذي بدأ ينحو في اتجاه"اليمين" والتطرف القومي، وهو ينطلق من تجربته كنائب سابق في الكنيست وأحد الذين تعرضوا لانتقادات شديدة بسبب محاولته تأسيس حزب جديد يقطع مع السياسية الإسرائيلية الرسمية ويؤسس لإسرائيل جديدة، كما يقول، تقوم على ديمقراطية حقيقية لا تقتصر على اليهود وتشمل جميع المواطنين، وفي هذا السياق يتساءل الكاتب عن الصهيونية كفكرة ساهمت في جمع يهود الشتات وخلقت لهم وطناً قومياً وما إذا كانت صالحة اليوم بعد استقرار دولة إسرائيل وتوطد أركانها، فما تحتاج له الدولة في رأيه هو التحول إلى بلد طبيعي ومجتمع طبيعي يتحرر من المخاوف المبالغ فيها ويكف عن التردد أمام السلام، بل هو يدعو أيضاً إلى الخروج من عقلية المحرقة والتخلص من عقدها النفسية التي مازالت تسيطر على المجتمع اليهودي وتقوده إلى اتخاذ سياسات متطرفة ضد الآخر سواء كان هذا الآخر داخلياً مثل العرب الإسرائيليين، أو في الخارج مثل الفلسطينيين وغيرهم، فقد حان الوقت يقول الكاتب لكسر العزلة المتنامية التي تعاني منها إسرائيل، لا سيما لدى الرأي العام الدولي غير الرسمي، وغير المتقيد بسياسات حكومية من خلال إعادة ربط إسرائيل بالأفكار الغربية المستندة إلى الحداثة والعدل والتسامح واعتناق البعد الإنساني في أفقه الواسع بعيداً عن الاصطفافات العرقية والدينية. إعداد: زهير الكساب