إذا نظرنا إلى النزاعات الأخيرة التي شهدتها معسكرات النازحين في دارفور، خاصة في معسكري كلما وزمزم، وإلى آخر ما نشر من تقارير عن مناشدة الأمم المتحدة للسلطات في الخرطوم بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين، مضافة إليها تعثر مفاوضات الدوحة بين أطراف التمرد والحكومة، وكذلك نذر تأجيل الاستفتاء الشعبي على مصير جنوب السودان، المقرر إجراؤه في شهر يناير المقبل، فإنها لا تبشر بقرب السودان من التوصل إلى تسوية سلمية للنزاعات والصراعات السياسية الدائرة فيه. وكان القصد من الانتخابات العامة التي أجريت في شهر أبريل المنصرم، أن تفتح الطريق أمام تحول ديمقراطي سلمي، لا تزال آفاقه بعيدة وصعبة المنال، بينما تحولت عملية التحول الديمقراطي إلى مجرد شعار سياسي أجوف وخال من المعنى والتطبيق العملي. وبالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي تهدد وحدة ومصير السودان، فما أشد حاجة قياداته كافة إلى عقد مؤتمر قومي جامع، تحل فيه هذه القضايا الشائكة المعقدة، بروح الإيثار وتقديم المصلحة الوطنية العامة على المصالح الحزبية الضيقة. فليس أضر بالسودان من تقديم الأخيرة على الأولى في الجزء الأعظم من تاريخ أنظمته الشمولية والديمقراطية على حد سواء. ويمكن للسودان أن يظل موحداً وقادراً على تجاوز أزماته وصراعاته، فيما لو توحدت إرادة قيادته ونجحت في اختبار القيادة الذي يفرضه خطر التشرذم الذي يهدد البلاد الآن. حامد ابراهيم-دبي