اختبار للعلاقات الصينية-الأميركية... وحرائق روسيا تثير التساؤلات هل تقف الصين حجر عثرة أمام تنفيذ العقوبات "الأميركية" على إيران؟ وهل تحسنت علاقات الصينيين بجيرانهم خاصة اليابانيين؟ وهل استفادت كندا من حملة مكافحة H1N1؟ وكيف يمكن تقييم أداء الحكومة الروسية في أزمة الحرائق؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. "كعب أخيل" إيران تحت عنوان "إيران سوف تختبر العلاقات الصينية- الأميركية"، نشرت "جابان تايمز" اليابانية، يوم السبت الماضي، مقالاً لـ "مايكل ريتشاردسون"، تطرق خلاله إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين الآن تمر بمرحلة توتر حقيقية حول القضايا التجارية والاقتصادية وحقوق الإنسان، وأيضاً حول "البحر الأصفر" وبحر جنوب الصين، وهذه العلاقات على وشك الدخول في اختبار جديد حول برنامج إيران النووي المثير للجدل. الولايات المتحدة التي تقول إنها مدعومة بعقوبات دولية مفروضة على أنشطة إيران المصرفية وعلى تجارتها الخارجية وقطاعات نقلها الجوي والبحري، ترسل مسؤوليها خلال الشهر الجاري إلى آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، لحشد دعم مزيد من الحكومات لتطبيق هذه العقوبات. واشنطن تهدد بأثمان باهظة تتكبدها الشركات- حكومية كانت أو خاصة- التي تنتهك العقوبات، وضمن هذا الإطار قد تفرض الولايات المتحدة حظراً على هذه الشركات يتمثل في منعها من الحصول على تعاقدات في السوق الأميركي. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن الدولي فرض في يونيو الماضي مجموعة هي الرابعة من العقوبات على إيران... بسبب برنامجها النووي، الذي تقول إنه للأغراض السلمية، لكن من دون رقابة أممية كاملة ربما تنتج طهران مواد انشطارية تستخدم في إنتاج سلاح نووي. ومنذ ذلك الوقت أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا واليابان فرض عقوبات إضافية قريباً على إيران. لكن اثنين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يرفضان الذهاب أبعد من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، والأمر نفسه ينطبق على الهند وكوريا الجنوبية. ريتشاردسون وهو زميل زائر بمعهد دراسات جنوب شرق آسيا في سنغافورة، يرى أن العقوبات الأميركية والأوروبية تتضمن حظر التعامل مع البنوك وشركات التأمين، من الاستثمار في قطاعي النفط والغار الإيرانيين، وهذا يضع الصين نفسها على خط النار (أي يجعلها في مرمى هذه العقوبات)، ويجعلها أيضاً حائرة بين تلبية احتياجاتها من الطاقة والضغط الدولي المتنامي على طهران الرامي إلى منعها من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ومنع انتشار أوسع للأسلحة النووية. الصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة، وتستورد نصف ما تستهلكه من النفط كي يواصل اقتصادها نموه، فإيران هي ثالث أكبر مزود للصين بالنفط بعد السعودية وأنجولا. بكين طالما أصرت على عدم تضمين الطاقة والتجارة بشكل عام في العقوبات المفروضة على إيران، فالأخيرة أكبر شريك تجاري للصين، فحجم تجارتهما الثنائية وصل العام الماضي إلى 21 مليار دولار، أي ضعف ما كانت عليه قبل خمس سنوات، علما بأن نسبة كبيرة من هذا المبلغ تأتي من معاملات في مجال الطاقة. إيران لديها ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم وثالث أكبر احتياطي غاز، لكنها في حاجة إلى تقنيات واستثمارات لتطوير قطاع الطاقة لديها، وضمن هذا الإطار وعدت بكين طهران بـ40 مليار دولار لتطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، وتطوير مصاف لإنتاج البنزين والديزل ووقود الطائرات وغيرها. هذا القطاع لا يزال مستهدفاً من أميركا وحلفائها، ما يجعله أشبه بـ"كعب أخيل" الاقتصاد الإيراني". علاقات أفضل مع الجيران في تقريره المنشور يوم أمس بـ"تشينا ديلي" الصينية، سلط "كوين جيز" الضوء على واقع صيني جديد يتمثل في ميل العامة نحو التطلع للمستقبل بدلاً من الانهماك في الماضي، خاصة تجاه العلاقات الصينية- اليابانية، التي يشير الكاتب إلى أنها تحسنت وفق آخر استطلاعات الرأي. ويبدو أن السبب يكمن في زيادة التواصل بين البلدين في مجال الاتصالات المدنية، خاصة بين الشباب وعبر وسائل الإعلام، وهذا ما توصلت إليه "تشينا ديلي" و"جينرون NBO" ، وهو مركز بحوث ياباني. الاستطلاع تمخض عن نتائج من بينها أن 75 في المئة من عامة الصينيين راضون عن العلاقات القائمة حاليا بين بلادهم واليابان، و60 في المئة منهم يعلقون آمالاً عريضة على هذه العلاقات في المستقبل. دروس H1 N1 تحت هذا العنوان، خصص "ريتشارد سابيس" مسؤول الصحة في أونتاريو من 1987-1997مقاله المنشور في "تورونتو ستار" الكندية يوم الجمعة الماضي، لرصد أصداء قرار منظمة الصحة العالمية، الذي يشير إلى رفع صفة "الوباء" عن مرض إنفلونزا الخنازير المعروف بفيروس H1N1. الكاتب يقول إن المرض لم يشهد أي انتشار في كندا منذ نوفمبر الماضي، ولا في أي مكان في العالم منذ فبراير، وذلك حسب نظام المراقبة العالمي الخاص بمنظمة الصحة العالمية. فما الذي حدث؟ الإجابة تكمن في أن مئات الملايين من البشر قد أصيبوا بالمرض وعشرات الألوف قد قضوا نحبهم بسببه، لكن الأسوأ يحدث كل عام جراء الإنفلونزا بشكل عام، ومع هذا كان تقييم منظمة الصحة العالمية لمرض H1N1 في أغسطس 2009 هو أن نتائجه أسوأ من موسم الإنفلونزا العادي، وهو تقييم يراه الكاتب صحيحاً. وبالنسبة لكندا، فإنها استجابت للخطر الذي يشكله المرض من خلال برنامج مكثف للتطعيمات، وحسب دراسة حديثة نشرت في مجلة Vaccine، فإن البرنامج حال دون إصابة مليون شخص بالمرض، وإنقاذ حياة 50 شخصاً. غير أن الكاتب يجد أن ثمة أرقاماً أخرى تتعلق بفاعلية البرنامج صادرة من أونتاريو، وتشير إلى أن التطعيمات قللت من الإصابة بالمرض بنسبة 1 في المئة، والتطعيمات منعت حدوث 29 ألف إصابة بالمرض، وأنقذت حياة ثلاثة مرضى، هذه النتائج لا تساوي شيئاً، مقابل 250 مليون دولار، هي تكلفة برنامج التطعيم. حرائق روسيا في مقاله المنشور بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية يوم الجمعة الماضي، لفت "جريجوري بيفوت" الانتباه إلى أن وسائل الإعلام الروسية بدأت منذ منتصف يوليو الماضي الحديث عن حرائق الغابات، من خلال تقارير قصيرة، لكن لم تصبح للمسألة صخبها في روسيا إلا بعد زيارة رئيس الوزراء الروسي لقرية "فرخنيايا فيريا" بمنطقة "نزنهي نوفجرود"، التي طالتها الحرائق، ووعد بتقديم 117.500 دولار كتعويض من خلالها يمكن لكل متضرر من الحرائق الانتقال إلى مسكن جديد. من الواضح أن حرائق الغابات ظاهرة مألوفة في روسيا، لكنها مرت في بدايتها دون اهتمام، ومع الوقت وبعد أن بدأت سحب الدخان تظهر في شوارع موسكو، تعرضت السلطات الروسية لطوفان من التساؤلات حول فعالية سلطة بوتين. ساسة روسيا توصلوا في نهاية يوليو، إلى فكرة مفادها تعبئة الجيش لمكافحة الحرائق، وذلك بعد أن طالت الحرائق غالبية الشطر الأوروبي من روسيا الاتحادية، وخصصت السلطات ما يزيد على 10 آلاف جندي لمكافحة الحرائق. اللافت أيضاً أن صور الحرائق تم رصدها من خلال أقمار اصطناعية أميركية وليست روسية، كما أن المسؤوليات الخاصة بمكافحة الحرائق تم نقلها إلى الإدارات المحلية، لكن دون تمويل كافٍ. الكاتب، وهو الذي شارك في تأسيس حزب "الهدف السديد"، استنتج أن الحرائق لفتت الانتباه إلى عدم قدرة ساسة البلاد على التصرف بشكل فاعل لمواجهة هكذا ظروف، ناهيك عن الفشل في تعبئة موارد إضافية عبر التنسيق بين المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التطوعية. والغريب أنه في بلد كان لديها يوما ما نظام دفاع مدني قوي وضخم يوفر ملاجئ ضد القنابل في كل بلدة، نجد أن الناس المعرضين لخطر الحرائق يفتقرون إلى الوسائل الأساسية كمخزونات المياه وأكياس الرمال وطفايات الحريق. إعداد: طه حسيب