في إطار تعزيز نهج الشفافية حول كل ما يتعلّق بالبرنامج النووي السلمي لدولة الإمارات، أعلنت "الهيئة الاتحادية للرقابة النووية"، مؤخراً، أنها ستعرض مسودات خمس من لوائحها على الجمهور لإبداء آرائه وملاحظاته عليها خلال فترة 30 يوماً تنتهي في 12 سبتمبر المقبل. لا شك في أن الحرص على استطلاع آراء الجمهور وملاحظاته المختلفة في ما يتعلق بقضية حيوية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي الإماراتي يشير بوضوح إلى ما يتمتع به البرنامج النووي السلمي للدولة من صدقية وشفافية، وأن هناك حرصاً من جانب القائمين على هذا البرنامج على أن يكون هناك نوع من النقاش المجتمعي حول هذه القضية التي تحظى بالإجماع الداخلي، باعتبارها ضرورة تنموية وأمنية في آنٍ معاً. ولعل ما يدعم نهج الشفافية الذي تتبعه الهيئة هو انفتاحها كذلك على الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية لاستطلاع آرائها في ما يتعلق ببعض اللوائح أيضاً، من أجل الاستفادة من خبراتها المختلفة في هذا الشأن، سواء كانت تنظيمية أو إدارية أو تشريعية أو تقنية، وهذا من شأنه أن يكرّس الثقة بالبرنامج، ولا يدع مجالاً لأي شكّ في أهدافه المدنية والسلمية، وأنه يستهدف في الأساس أغراضاً تنمويّة، والدليل على ذلك أنه يتمّ عرض المسودات واللوائح المنظمة لهذا البرنامج للنقاش العام. منذ أن بدأت دولة الإمارات توجّهها نحو امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية، وهي تلتزم نهج الشفافية في إدارة هذا البرنامج، بداية من وثيقة السياسة العامة التي تم إعلانها في شهر أبريل من عام 2008، وهي الوثيقة التي احتوت على الضمانات كلها، التي من شأنها أن تؤكد سلمية التوجه النووي الإماراتي من ناحية، وتوفير تدابير الأمن والأمان كلّها للبرامج النووية من ناحية أخرى. ومروراً بمشروع القانون الشامل للطاقة النووية السلمية، الذي جاء ليعزز من شفافية هذا البرنامج، بما تضمّنه من ضوابط مهمة لعمل هذا البرنامج، وأكثرها أهمية النص على تشكيل جهاز ينظم الترخيص للمنشآت، ويحدد مسؤوليات المرخّص لهم والمشغلين، والتصرف في النفايات المشعّة، والوقود المستهلك، مع التزام تطبيق حظر انتشار الأسلحة النووية، والاستخدام غير المشروع للمصادر المشعّة ضمن حدود الدولة. كما تظهر هذه الشفافية في وضع ضوابط محكمة لإدارة البرنامج النووي السلمي أيضاً، بشكل يتفادى أي أخطار قد تنجم عن عمل المحطات النووية، اتساقاً مع حرصها الدائم والثابت على سلامة البيئة، كما يعكس حرصها على الالتزام الدقيق بالمواثيق الدولية الخاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفي مقدمتها "اتفاقية منع الانتشار النووي" الموقّعة عام 1968. نهج الشفافية الذي تلتزمه دولة الإمارات في إدارة برنامجها النووي السلمي ينسجم مع الركائز الأساسية التي تقوم عليها سياستها الخارجية في تعاطيها مع قضايا منع الانتشار النووي بصفة عامة على الصعيد الدولي، حيث لا تألو في ذلك جهداً من أجل تفعيل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، كي لا تتحوّل إلى أداة لتهديد الأمن والاستقرار الدوليين، ولذلك تحظى جهودها بالتقدير الدولي، ولعل استضافة أبوظبي المؤتمر السنوي لعام 2010 لـ "المبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي" في شهر يونيو الماضي بحضور الأطراف المعنيّة جميعها من دول شركاء ومراقبين، تعدّ تأكيداً لهذه الصدقية الكبيرة التي تتمتع بها الدولة على الساحة الدولية، ومدى الثقة التي تكتسبها توجّهاتها وسياساتها بالنسبة إلى هذه القضية.