نعم لمسجد مانهاتن...وتداعيات جيوسياسية للتغيرات المناخية هل باتت الحرية الدينية في أميركا على المحك؟ وماذا عن دلالات فوز كاجامي بفترة رئاسية جديدة في رواندا؟ وما هو الاختبار الحقيقي الناجم عن فيضانات باكستان؟ وكيف يتقبل شافيز الحقائق؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. نعم لمسجد مانهاتن تحت عنوان "مسجد جراوند زيرو لابد وأن يمضي قدما"، نشرت "لوس أنجلوس تايمز" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية رأت خلالها أن التسامح الديني في الولايات المتحدة بات على المحك فـ"رابطة مكافحة التشهير" ومركز "سايمون ويستنهال" ينعتان كل المسلمين بصفات "القاعدة". وحسب الصحيفة تعارض الرابطة بناء مركز إسلامي بتكلفة قدرها 100 مليون دولار ويبعد بمسافة لا تتجاوز بنايتين من موقع برجي مركز التجارة العالمي، بمانهاتن. أما مركز "سايمون ويستنهال" فيتبنى موقفاً يتمثل في أن عائلات ضحايا هجمات11 سبتمبر- الذي يقارب عددهم 3000- يجب السماح لهم بالبت في ما إذا كان يجب بناء المركز الإسلامي بالقرب من أكبر ساحة للقتل في التاريخ الأميركي، وذلك لأنهم عانوا بصورة مباشرة من ضربات "القاعدة". الصحيفة تقول إن هذه مسألة صعبة بالنسبة لمركز "سايمون" كمنظمة يهودية لديها ذاكرة متأثرة بالهولوكوست، فموقفه لا يخدم مبادئ التسامح وعدم التمييز التي يزعم الترويج لها. الصحيفة أكدت موقفها من دعم بناء "بيت قرطبة" الذي يلفت من خلال اسمه الانتباه إلى المدينة التي كانت في العصور الوسطى ساحة للتسامح بين الأديان، علما بأن المركز المرتقب ستكون مهمته تعزيز التواصل الإيجابي بين الغرب والعالم الإسلامي. رئيس "رابطة مكافحة التمييز" ورئيس مركز "ويستنهال" يعتبران أن بناء المركز بالقرب من موقع البرجين لا يراعي ضحايا 11 سبتمبر الذين سقطوا جراء عنف ارتكب باسم الإسلام. "ويستنهال" أخبر "لوس أنجلوس تايمز" بأنه لو كانت الحكومة الألمانية قد دشنت مركزاً ثقافيا ألمانياً قرب أوشفيتز فإنه كان سيقابل بمعارضة شديدة من أسر الضحايا حيث سيكون من الصعب تحمله...الصحيفة ترى أن هذا التشبيه خاطئ ذلك لأن الحكومة الألمانية النازية هي التي نفذت الهولوكوست، بينما هجمات الحادي عشر من سبتمبر نفذتها جماعة دينية ذات أجندة سياسية، وليس كل المسلمين مسؤولين عن الفظاعات التي ارتكبتها تلك الجماعة. وإذا كان صحيحاً أن يتم أخذ موقف ضحايا الهجمات في الاعتبار سواء مسلمين أو مسيحيين أو يهود فهؤلاء ليسوا فقط من يجب الاقتصار على معرفة رأيهم، فهناك الولايات المتحدة كبلد له مصلحة في الحرية الدينية، وفي إبرام حوار سلمي وبناء مع الإسلام، فهذا ما ينوي "بيت قرطبة" تفعيله. اللافت للانتباه أن الصحيفة نصحت مركز "ويستنهال" بألا يبدو منافقاً، كونه يرفض بناء "بيت قرطبة" في مانهاتن، بينما يدعم بناء متحف التسامح في القدس على أنقاض مقبرة إسلامية قديمة. وإذا كان هذا المركز يعارض "الكراهية" فليعارضها في الاتجاهين، أي في مانهاتن والقدس. دلالات فوز كاجامي خصصت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي لرصد أصداء فوز بول كاجامي بفترة رئاسية جديدة في رواندا، وذلك عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد الماضي. الصحيفة أشادت بالفوز الكاسح لكاجامي حيث حاز 93 في المئة من الأصوات، وهذا انتصار لم يكن مفاجئاً، فالرئيس الرواندي جعل من المستحيل أن تأتي النتائج بغير ما جاءت به. الروانديون لديهم أسبابهم المنطقية للإبقاء على كاجامي لفترة رئاسية جديدة تمتد لسبع سنوات، فالبلاد بعد 16 عاماً من مذابح الهوتو والتوتسي قد تغيرت إلى الأفضل، وكاجامي الذي سيطر على البلاد منذ 1994 يستطيع الحديث عن رصيد كبير يحسب له في قيادة رواندا. فعلى رغم الفقر، تُعد بلداً من بين أكثر البلدان النامية تنظيماً وفي الوقت نفسه تقل فيه الجريمة، وتوجد بالبلاد طرق جديدة ومراكز صحية وخدمات إنترنت ولديها استثمارات أجنبية بملايين الدولارات. وتصنف منظمة الشفافية الدولية ومقرها ألمانيا- رواندا كأقل بلد فساداً في شرق أفريقيا، كما يعد هذا البلد الأكثر مشاركة نسوية في السلطة على مستوى العالم. لكن ثمة جانباً مظلماً في الأمر، فكاجامي جعل من المستحيل تقريباً لأي أحد أن يتحداه في الانتخابات، حيث رصدت "هيومان رايتس ووتش" انتهاكات ضد أحزاب المعارضة والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، وتم إسكات معظم الصحفيين المستقلين، وتم تعليق أكبر صحيفتين مستقلتين، ومنعت الحكومة ثلاثة أحزاب- جاهرت بنقد كاجامي- من المشاركة في الانتخابات. كاجامي يعتمد بشكل واضح ومكثف على المساعدات الأميركية والبريطانية والأوروبية، وهذه الجهات يتعين عليها الضغط على الرئيس الرواندي لتعزيز الإعلام المستقل والمجتمع المدني، وإذا رفض كاجامي سيكون بذلك مهدداً للاستقرار والنمو الاقتصادي الذي كان هو سبباً في إنعاشهما. مساعدة باكستان في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "المساعدة الأميركية والأممية لباكستان، ستساعد على محاربة طالبان، وستلقي بآثارها على مسألة الاحتباس الحراري"، قالت "كريستان ساينس مونتور" إن الفيضانات العارمة شتت حياة 14 مليون باكستاني، وأن الولايات المتحدة يجب أن تستعد لمزيد من الأزمات الأمنية الناجمة عن تقلبات مناخية تأتي نتيجة الاحتباس الحراري. فيضانات باكستان ضربت مساحة من الأرض تقارب مساحة لبنان، ووفق المؤشرات التي ظهرت حتى الآن تبدو حصيلة كارثة الفيضانات الباكستانية قريبة من كارثة زلزال هاييتي والمد البحري الزلزالي "تسونامي" معاً. وحسب الصحيفة، لا تزال المساعدات الغذائية المقدمة للباكستانيين بطيئة وغير مناسبة، وذلك على الرغم من الجهود المضنية التي يبذلها الجيش الباكستاني في عمليات الإغاثة، ورغم المساعدات الأميركية المقدرة بـ55 مليون دولار، والتي تتضمن مروحيات. لكن هذا المشهد تظهر خلاله موجة تعرف بـ"نازحي المناخ" المفعمين بغضب من الحكومة المدنية الباكستانية، وهؤلاء قد يتلقون مساعدات من المسلحين الإسلامين، مما يشير إلى إمكانية أن تسفر التغيرات المناخية عن أزمات أمنية. وتجدر الإشارة إلى أن "البنتاجون" حذرت في أحد تقاريرها مطلع العام الجاري من أن الأنماط المناخية الجديدة قد تسرع من ظهور الصراعات و حالات عدم الاستقرار، مما يشكل عبئاً على المؤسسات المدنية والعسكرية حول العالم. وبغض النظر عما إذا كان الاحتباس الحراري سبباً في هذه الأزمات، فإن المشكلات التي يكون المناخ مصدرها في ازدياد، وضمن هذا الإطار تأتي حرائق الغابات في روسيا والجفاف الراهن في المكسيك الذي يدفع الملايين نحو الهرب في اتجاه الولايات المتحدة. الصحيفة نوهت إلى أن الأمطار الموسمية غير المعتادة والفيضانات الضخمة الناجمة عنها قد تجعل من المحتمل إضعاف الديمقراطية الهشة في البلاد، كما أن الجماعات المسلحة في شمال غرب باكستان توزع المساعدات وتستغل الأزمة في تأليب اللاجئين على الحكومة والولايات المتحدة. اعتراف "البنتاجون" بأن للتغير المناخي آثاراً جيوبوليتكية ستظهر خلال العقود المقبلة أمرا مهما، فالجيش الأميركي الآن دخل في سباق مع الجماعات الباكستانية المسلحة حول توزيع المساعدات، والاستجابة الأميركية في هذه المأساة ستكون درساً قيماً في الجاهزية لمواجهة المزيد من الأزمات الناجمة عن الاحتباس الحراري. إخفاء الحقائق تحت عنوان "كيف يحاول شافيز إخفاء حقيقة حكومته"، نشرت "واشنطن بوست أمس الجمعة، افتتاحية استنتجت خلالها أن أحد أهم أهداف سياسة شافيز الخارجية تكمن في منع الحكومات أو المنظمات الدولية من معرفة حقيقته. فخلال العامين الماضين تم الحصول على وثائق تشير إلى تورط نظام شافيز في توفير الدعم المادي والملاذ الآمن لحركة "فارك" المسلحة في كولومبيا والمعروفة بارتكابها جرائم في حق المدنيين، وتهريب المخدرات، وهي مدرجة ضمن المنظمات الإرهابية في لوائح الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي، هذا الدعم يجعل شافيز منتهكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ويعرض نفسه نظرياً لعقوبات أميركية ودولية. ومن حسن حظ شافيز أن إدارة أوباما وبعض أعضاء مجلس الأمن الدولي، لم يبد سوى اهتمام ضئيل بالمسألة. لكن شافيز ركز على "لاري ليون بالمر" المرشح لشغل منصب سفير واشنطن في كاراكاس، فهذا الأخير قال أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إنه يدرك العلاقات الواضحة بين الحكومة الفنزويلية والميليشيات الكولومبية، إضافة إلى العلاقات الاستخباراتية والعسكرية بين كوبا وفنزويلا، هذه التصريحات جعلت شافيز يقول إنه لن يسمح لـ”بالمر” بالعمل في كاراكاس لإنه انتهك من وجهة نظره قواعد الدبلوماسية.. إعداد: طه حسيب