في العدد الأخير من شهرية "وجهات نظر"، نطالع مقالة للدكتور حسن مكي حول "مصر وأثيوبيا والنيل"، يعتبر فيها أن أكبر تحدٍ سيواجه العقل العربي، والعقل المصري خصوصاً، هو قضية المياه، لاسيما أن الأمن المائي المصري قد ارتكز مسترخيًا على المعاهدات التي أقامها مع دول المنبع. أما الجديد في الأمر -يقول الكاتب- فهو أن جهودًا علمية وسياسية كبرى، ترعاها إسرائيل وأميركا، بدأت تخلق وعياً مائياً جديداً في أثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وكينيا، وعياً مسلحًا بدراسات ورؤى وكتب متخصصة، ودفع حكومات البلدان المذكورة لتجاوز اتفاقية عام 1921 فعلاً لا قولاً، حيث برزت سياسات مائية جديدة، قائمة على الاستخدام المتفرد والحر لمياه النيل. ويتوقع الكاتب أنه فيما سيظل العقل العربي مشدوداً إلى قضية جدار الفصل العنصري في فلسطين، وجدران بغداد العازلة، سيفاجأ يوماً بالجدر العازلة للمياه، والتي تقام على الأودية والخيران والبحيرات المغذية للنيل، أهم رافد لأهم نهر عربي. وتحت عنوان "البحث عن مستقبل"، يقول جون وتربوري إن المصريين حساسون تجاه القضايا التي تؤثر على جريان نهر النيل، لأن 95 في المئة من مياه مصر تأتي من النيل الذي لا تضيف مصر إلى مياهه شيئاً، وليس لديها ملاذ غيره. ويَذكر أنه عقب حرب أكتوبر 1973، وحينما هددت الولايات باستخدام مؤونة الغذاء العالمية كسلاح مضاد لسلاح البترول العربي، بدأت دول خليجية بحث إمكانية تحويل السودان إلى "سلة خبز" العالم العربي، فثار التساؤل: ماذا يحدث لو أن الاستثمار العربي في الزراعة السودانية أدى إلى زيادة هائلة في استهلاك السودان لمياه النيل؟ ماذا يعني ذلك لمصر؟ وماذا سيفعل المصريون حياله؟ وأخيراً يتطرق ميشيل جرنبيرج إلى "ما يعلمه الأطفال... ونجهله"، فيوضح أن أبعد فترة عن منالِنا هي تلك الواقعة بين الميلاد والخامسة من العمر، لكنها تنطوي على فجوة غريبة في الذاكرة، تتخللها ومضات من ذاكرة لا إرادية تأتي ذكرياتها من انبعاثات حسية تتواجد في الجسد أكثر من تواجدها في العقل، لتمثل مركزاً لما نكنه لأنفسنا من أحاسيس.