يعتبر الوعي بالقانون، والإلمام بمبادئه الرئيسية من الأمور المهمة والأساسية، ليس لأن ذلك يسهم في الحفاظ على الحريات العامة، على أساس أن إدراك الفرد لحقوقه ومعرفة واجباته ينمّي لديه الإحساس بالمسؤولية، ويصبح قادراً على التمييز بين حقوقه الشخصية وحقوق الآخرين، بل لأن ذلك يساعد على تجنّب السلوكيات التي تتنافى مع القانون العام أيضاً، وتنغص الأمن المجتمعي. من هذا المنطلق تأتي أهمية التوجّهات الأخيرة التي أعلنها "مكتب ثقافة احترام القانون" التابع لوزارة الداخلية، التي تستهدف بالأساس نشر الثقافة القانونية للفئات والشرائح جميعها بكل لغاتها وثقافاتها في المجتمع، وذلك من خلال تنظيم ثلاث مسابقات تثقيفية قانونية ستذاع يومياً خلال شهر رمضان المبارك على قناة تلفزيون "أبوظبي-الإمارات" وإذاعة "القرآن الكريم" وإذاعة "الإمارات fm"، علاوة على إصدار كتيب في سبع لغات بعنوان "قانونيات رمضانية" يتناول عدداً من الجوانب القانونية لبعض المسلكيات التي تمس الجانبين الأخلاقي والديني في المجتمع. العمل على نشر الثقافة القانونية بين أفراد المجتمع يتأسس على مجموعة من الاعتبارات المهمة، أولها أنها تسهم في ترسيخ العديد من المبادئ القانونية الأساسية لدى أفراد المجتمع، بما يرتقي بالوعي القانوني وترسيخ مبدأ ثقافة احترام القانون، لأن غياب الوعي بالقانون يكون سبباً في أحيان كثيرة في ضياع حقوق الأفراد، ولهذا فإن تثقيف الأفراد قانونياً، وتنمية الوعي لديهم يجعلهم أكثر معرفة بحقوقهم وواجباتهم سواء تجاه بعضهم بعضاً أو تجاه المجتمع بصفة عامة. الاعتبار الثاني هو وجود علاقة بين انتشار الوعي بالقانون والأمن المجتمعي، خاصة أن العديد من المخالفات أو السلوكيات السلبية التي يتمّ ارتكابها من جانب بعض أفراد المجتمع تكون في بعض الأحيان بسبب الجهل بعدم قانونية مثل هذه الأفعال، أو أنها تخالف القوانين والتشريعات السائدة في الدولة، كتلك التي يمارسها أفراد بعض الجنسيات في الدولة خلال شهر رمضان المبارك، كالمجاهرة بالإفطار، أو جريمة سبّ الأديان، أو جريمة خدش الحياء العام، أو ممارسة أعمال السحر والشعوذة، وعلى ذلك فإن العمل على نشر الوعي بالقانون، والمبادئ الرئيسية في المجتمع كتلك المتعلقة بأخلاقيات الشهر الفضيل التي تجهلها بعض الجنسيات التي تعيش على أرض الدولة، يتسق وخصوصية المجتمع الإماراتي كمجتمع معاصر له ثوابت ومقومات حضارية يحرص على المحافظة عليها والاعتزاز بها، وعلى مختلف الجنسيات التي تعيش فيه ألا تتجاوز هذه المبادئ والأخلاقيات في تعاملاتها. الاعتبار الثالث أن التثقيف القانوني لأفراد المجتمع يأتي من منطلق حرص الدولة وقيادتنا الرشيدة على ترسيخ احترام القانون والانصياع إلى سلطانه باعتباره الضمانة الرئيسية لحفظ الأمن والحقوق والأرواح والممتلكات، والأساس في تحقيق التنمية والاستقرار، فما من شك في أن احترام القانون وإعلاءه فوق كل اعتبار يقضي على الممارسات السلبية ويحدّ من مظاهر المخالفة والانحراف، لأن كل شخص في ظل هذا الوضع يكون متأكّداً من أنه سيحصل على حقّه وفي الوقت نفسه لن يفلت من العقاب في حال ارتكب أي مخالفة أو أساء إلى مصالح المجتمع الذي يعيش في ظلّه. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية