انحسار شعبية أوباما... و"استجابة بطيئة" لفيضانات باكستان ------ شعبية أوباما في العالم العربي، وكارثة الفيضانات في باكستان، وإعادة انتخاب بول كاجامي في رواندا، ثم جرائم الطغاة أمام محكمة لاهاي... قضايا نعرض لها سريعاً ضمن قراءة موجزة في الصحافة البريطانية. ------ انحسار شعبية أوباما في عددها الصادر أمس الأول، نشرت "الجارديان" مقالاً تحليلياً للكاتب "جوناثان ستيل" جاء فيه إن المضمون الرئيسي للخطاب الشهير الذي ألقاه أوباما في القاهرة يتلخص في: إنني رئيس أميركي مختلف. فأنا أتفهم آلامكم وغضبكم وأحترم ثقافتكم وعقيدتكم الدينية. ووصف أوباما في الخطاب نفسه، الإسلام باعتباره جزءاً من أميركا. وقد كانت هذه التصريحات مفتاح شعبية كبيرة لأوباما في العالم العربي، الذي انتظرت شعوبه لترى كيف يترجم الرئيس الأميركي الجديد كلماته إلى أفعال. والظاهر أن خيبة الأمل هي وحدها التي سادت في الجزء الأكبر من المجتمعات العربية. وبالنتيجة فقد انحسرت شعبية أوباما كثيراً في الأوساط العربية. فوفقاً لاستطلاع للرأي أجرته "مؤسسة زغبي العالمية" بالاشتراك مع شبلي تلحمي بجامعة ميريلاند في ست من الدول العربية خلال شهري يونيو ويوليو المنصرمين، يبدو أن الهواء قد تسرب من فقاعة شعبية أوباما في العالم العربي. فقد انخفضت نسبة تأييد المجتمعات العربية لأوباما من 45 في المئة إلى 20 في المئة فحسب، بينما ارتفعت النظرة السلبية لأدائه فيما يتعلق بالقضايا العربية من 23 في المئة إلى 67 في المئة، بينما لا تزيد نسبة الذين ينظرون نظرة إيجابية إليه عن 16 في المئة فحسب. يجدر بالذكر أن هذا الاستطلاع للرأي العام العربي يجرى سنوياً، وأنه شمل هذه المرة شعوباً ودولاً أقل راديكالية في مواقفها إزاء الولايات المتحدة الأميركية: مصر والأردن ولبنان والمغرب والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما تمثل شعوب هذه الدول الشوارع العربية الأكثر حداثة واعتدالاً ومرونة، مع ملاحظة أن نسبة 40 في المئة من المستجيبين فيها للاستطلاع يستخدمون شبكة الإنترنت. أما تفسير تراجع شعبية أوباما بهذه السرعة والنسبة المذهلة، فيعود إلى أدائه في مختلف القضايا التي تهم الشارع العربي، لا سيما حربا العراق وأفغانستان، وارتباط إدارته بالضغوط الغربية الممارسة على البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى عجز إدارته عن دفع عملية السلام الإسرائيلي-الفلسطيني. ولكن أظهرت نتائج استطلاع الرأي أيضاً أن الإعلام الأميركي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية انحسار شعبية أوباما وسط المجتمعات العربية، لكونه يعكس وجهة نظر مجموعات اللوبي الصهيوني أكثر مما يعكس سياسات إدارة أوباما الجديدة إزاء العالم العربي. فحين ينتقد أوباما سلوكيات إسرائيل -مثل انتقاده لإعلان إسرائيل عن بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة، وكذلك الهجوم الإسرائيلي على سفينة قافلة الحرية- يلاحظ أن الإعلام الأميركي لا يسلط الضوء كثيراً على مثل هذه الانتقادات. وهذا ما يطالب الرئيس بتكثيف حملة إعلامية قادرة على إدارة حوار أكثر توازناً حول القضايا العربية داخل بلاده وخارجها. كارثة الفيضانات الباكستانية في إحدى افتتاحيات عددها الأخير، قالت مجلة "ذي إيكونومست" إن محنة الفيضانات الأخيرة التي شهدتها باكستان، تضيف نكبة جديدة إلى نكباتها السياسية والاقتصادية السابقة للفيضانات. فقد بلغ ضحايا هذه الكارثة الأسوأ التي تشهدها باكستان في تاريخها، نحو 1500 قتيل، وشردت ما يزيد على 140 ألف فرد بعد أن جرفت المياه منازلهم، بينما تأثر بها نحو 3 ملايين مواطن بمستويات مختلفة. وبينما يواصل الرئيس الباكستاني جولته الأوروبية التي بدأها في كل من بريطانيا وفرنسا، تتسارع خسارة حكومته لعقول وقلوب الباكستانيين. فقد ارتفعت مشاعر السخط والغضب في الكثير من المناطق المنكوبة من بطء الاستجابة للكارثة. وفي الوقت نفسه يبدو أن أداء المنظمات الدولية والمحلية الخيرية، لا سيما بعض المنظمات الخيرية ذات الصلة بالمتطرفين، قد تفوق على أداء الحكومة المركزية في مجال الغوث الإنساني للمتضررين. وعلى حكومة إسلام أباد أن تسارع إلى تصحيح هذا الوضع قبل أن تترتب عليه عواقب سياسية كارثية إضافية. ما وراء انتخابات رواندا رجحت افتتاحية صحيفة "ذي أوبزرفور" في عددها الأخير احتمال الإعلان عن إعادة انتخاب الرئيس الرواندي بول كاجامي يوم أمس. وقالت الصحيفة إن فوزه يظل مرجحاً حتى ولو أجريت الانتخابات بشكل حر ونزيه. فقد استمد كاجامي شعبيته من توفيره لضمانات الاستقرار الأمني لبلاده التي مزقتها حملات التطهير العرقي التي جرت عام 1994. وبفعل الاستقرار الأمني الذي حققته حكومته، تمكنت رواندا من اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وكذلك المساعدات الاقتصادية الخارجية لبلاده. وبالنتيجة تضاعف حجم الاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمس الماضية، ويتوقع له أن يحقق نمواً بنسبة 6 في المئة خلال العام الحالي. وبالمقارنة مع بقية دول شرق أفريقيا، يبدو أداء حكومته جيداً جداً فيما يتعلق بقياسات الشفافية والفساد الحكومي في المنطقة. غير أن الذي يخشى من إعادة انتخاب كاجامي للمنصب الرئاسي، أن الانتخابات نفسها جرت في أجواء سادها ترهيب الصحافة والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأنها كانت شبيهة بالانتخابات التي تجريها النظم العسكرية وشبه العسكرية عادةً، مع ملاحظة أن كاجامي يظل عسكرياً حتى النخاع، رغم الزي المدني الذي يبدو به. ومما يثير المخاوف أيضاً أن تستغل حكومته تهمة إثارة النعرات العرقية بين مجموعتي التوتسي والهوتو ذريعة لإخراس جميع معارضيه وقمعهم. قصة طاغيتين تلك ما تناولته الكاتبة "تانيا جولد" في مقالها المنشور بصحيفة "الجارديان" الصادرة يوم الثلاثاء الماضي. ونسبت الجزء الأول من قصة الطغيان إلى إدلاء عارضة الأزياء الشهيرة نعومي كامبل بشهادتها في قضية محاكمة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور في لاهاي. وكما نعلم فقد ارتبطت شهادة كامبل بقضية ما يعرف بالماس الدموي ومحاولة إثبات هيئة الاتهام لتهمة أن الطاغية السابق الذي تجري محاكمته كان يستخدم الماس الذي يحصل عليه من العصابات المتحاربة فيما بينها في تمويل النزاعات الأهلية الدموية الإقليمية. أما الجزء الثاني منها، فارتبط بإعلان "روبرت دافي" رئيس "مارك جيكوبز" اعتزامه ارتداء ملابس يزيد قياسها عن 14 وهو أكبر مقياس للملابس في عالم الموضة والأزياء. وبينما روجت نعومي كامبل لمرض النحافة المفرطة بوقوفها أمام محكمة لاهاي، يروج زميلها "روبرت دافي" لمرض البدانة بإعلانه هذا. وفي كلتا الحالتين فإن من الواجب محاكمة الجرائم التي ترتكبها الموضة وتلك التي يرتكبها الطغاة الدمويون بحق البشر أمام محكمة لاهاي نفسها، لكونهما وجهين لعملة واحدة كما تقول الكاتبة. إعداد: عبد الجبار عبد الله