مذكرة إلى الرئيس و"الديمقراطيين" في الكونجرس: لماذا تشطبون انتخابات التجديد النصفي من حساباتكم؟ ففي الوقت الراهن يستخدم "الجمهوريون" في كافة أنحاء البلاد - من ماساشوسيتس إلى كاليفورنيا، ومن فرجينيا إلى تكساس – موضوع "أريزونا"، والهجرة غير الشرعية، كصيحة لخوض المعركة الانتخابية، وهي صيحة أرعبتكم، وجعلتكم تلجأون إلى الدفاع. الحديث كله يدور الآن حول كيف سيحقق "الجمهوريون" فوزاً كبيراً، وأنكم لكي تعودوا مرة ثانية للأغلبية، فسوف يتعين عليكم الانتظار لغاية 2012، عندما تربطون أنفسكم مع كل هؤلاء الأميركيين من أصل لاتيني، علما بأنه لن يفيد حينذاك ما إذا كنتم مرشحين لإعادة الانتخاب أم لا. بالطبع، بعض من هذا يعزى لسوء التوقيت فحسب، حيث تأتي انتخابات 2010 قبل إصلاح الرعاية الصحية، وربما قبل أن تظهر تأثيرات التحسن في الاقتصاد. ولكن، وكما كتب "روبرت ريتش" - ديمقراطي - هذا الأسبوع في "وول ستريت جورنال" فإن انتصارات أوباما التشريعية كانت كبيرة إلى درجة تكفي لاستثارة معارضة قوية، ولكنها لا تكفي لتعزيز الدعم الممنوح له. وها أنتم تفعلون ذات الشيء مرة ثانية حيال الهجرة، فالدعوى الناجحة التي رفعتها الإدارة، والتي تعوق مؤقتاً على الأقل صدور الجزء الأكبر من بنود قانون أريزونا، تحولت إلى مادة لمناقشات المعارضة، علاوة على أنها لم تنل قبولًا لدى الناخبين المتأرجحين أيضاً. مع ذلك يقول "جورج راموس" المذيع بمحطة "يونيفيجن"، أكبر اللاتين نفوذا في أميركا، إن تلك الدعوى غير كافية وهو ما يوافقه عليه معظم بني جلدته. ففي استطلاع حديث للرأي أجرته"سي. إن.إن" منح 55 في المئة من الأميركيين من أصول لاتينية (59 في المئة من جميع الأميركيين) درجات متدنية للرئيس أوباما بسبب الأسلوب الذي اتبعه في معالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية، وهو ذات الشيء الذي ستفعله قواعدكم الانتخابية في نوفمبر. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فـ"الجمهوريون" يلقون إليكم أيضاً بالطعم ويجذبونكم أكثر نحو زاوية ضيقة يحشرونكم فيها. ففي الأسبوع الماضي طلب السيناتور "لندسي جراهام"، وهو واحد من أكبر "الجمهوريين" المؤيدين للمهاجرين، عقد جلسات استماع لإنهاء موضوع اكتساب الجنسية بحق الميلاد لأطفال المهاجرين غير الشرعيين، وهو موقف يؤيده تقريباً كافة الأسماء الكبيرة من "الجمهوريين". عدد قليل من الناس هو الذي أخذ هذه المحاولة على محمل الجد، ويرى أن الأمر كله يدخل في باب المناورات السياسية. معنى ذلك أنكم تموتون ميتة تتمزقون فيه إرباً إرباً، وكل ذلك دونما ضرورة حقيقية. لقد حان الوقت كي تعثروا على نسختكم الخاصة من "مارجريت تاتشر"، التي علمت"رونالد ريجان" إن نصف سر المهنة في السياسة، هو أن يتولى السياسي القيادة من خلال صوغ الموضوعات بنفسه. إن السياسة، والأخلاق، والمناورات السياسية المتعلقة بالهجرة الشرعية كلها في مصلحتكم في الوقت الراهن، وهو ما يمثل فرصة فريدة لكم، خصوصا إذا ما تمكنتم من الانعتاق من تلك الذهنية العتيقة التي تجاوزها الزمن حول فرض القوانين وتحولتم إلى الهجوم. ففي هذه الحالة سوف تجدون أن اللاتين ذاتهم سوف يؤيدون جهودكم. هناك أغلبية ساحقة من الأميركيين تؤيد تحقيق نوع ما من التقنين لأوضاع ما يقرب من 11 مليوناً من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين بالفعل في البلاد. في ذات الوقت نجد أن اللاتين في أغلبيتهم الساحقة يؤيدون تنفيذ القوانين التي تمنع المزيد من المهاجرين غير الشرعيين من القدوم، ولكن يجب عليكم أن تنجزوا أولًا شيئا بشأن التقنين أيضاً. سياسياً يمكن القول إنكم فعلتم الصواب، عندما قمتم بتحسين عملية فرض القانون بيد أنكم، لم تحصدوا سوى القليل من الإشادة، لما قمتم به من جانب الناخبين المتأرجحين، لأنكم خشيتم من تبني تلك الفكرة، والمطالبة بالفضل في تحقيقها، وهو ما حال بينكم وبين الحصول على الدعم الشعبي الذي يمكنكم من إجبار "الجمهوريين" على الانتقال للنصف الثاني من الصفقة وهو: التقنين. فقد أعلنت الإدارة في مايو الماضي أنها سترسل 1200 رجل من جنود الحرس الوطني لمناطق الحدود لتنفيذ ذلك القانون، ولكنها تخلت عن الموضوع بعد ذلك. يدفعني هذا لأن أقول لكم إنكم أيها "الديمقراطيون" تنفذون أولًا، ثم تحجمون عن الحديث عما نفذتموه، وكأنكم تشعرون بالخجل أمام الأكاديميين والحقوقيين الذين لا يمتنعون عن القول إن تنفيذ قانون الهجرة لن يتحقق، أو الذين يبدون وكأنهم غير قادرين أبداً على العثور على سياسة تنفيذ القانون، التي يحبون، لأسباب تتعلق بالإيثار، وتتعلق بالإيديولوجيا، أو لأسباب غير عملية فحسب. أيها "الديمقراطيون" أنتم بحاجة لأن تنسبوا موضوع تنفيذ القانون على الحدود إلى أنفسكم. والطريقة الوحيدة لعمل ذلك، هي رفع مستوى الرهان، وهو ما يمكنكم تحقيقه من خلال إرسال المزيد من الجنود إلى مناطق الحدود، وزيادة الأموال اللازمة للتنفيذ. ولكنكم يجب أن تعرفوا أنكم لن تستطيعوا أن تحققوا ذلك من خلال صفقة مقايضة للتقنين تتم داخل واشنطن، وهو ما تقومون به بالفعل راهناً، لأن هذا يحول استراتيجية التفاوض إلى غاية في حد ذاتها. وحينها لن يكون التنفيذ شيئاً ينسب لكم، وستجدون أن "الجمهوريين" قد بدأوا يلاعبونكم مرة أخرى. لا تسمحوا بهذا، وإنما يجب أن تعلنوا أنكم تتحركون في موضوعي التنفيذ والتقنين في نفس الوقت وعلى أنهما شيء واحد. عليكم بالاستمساك بالموضوع، وصوغه كما تريدون، وحينها سوف ترون كيف أن "الجمهوريين" سينتقلون إلى وضعية الدفاع في نوفمبر المقبل. ------- إدوارد شوماخر ـ ماتوس محلل سياسي أميركي ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"