التقرير الصادر عن الإدارة العامة لشرطة عجمان، مؤخراً، ونشرت الصحف المحلية أهم ما تضمّنه من نتائج، يكشف بوضوح عن بروز نوعية جديدة من الجرائم الدخيلة على مجتمعنا، مثل الخطف وطلب الفدية والسرقات، فقد أشار التقرير إلى أن جرائم الخطف بلغت خلال الأشهر السبعة الماضية 11 جريمة مقارنة بـ (8) جرائم في الفترة نفسها من العام الماضي، إضافة إلى تزايد الجرائم الأخرى المرتبطة بالمال، كالشيكات من دون رصيد، وسرقة عملاء البنوك. إن هذه النوعية من الجرائم تشير بوضوح إلى التطور الذي طرأ على طبيعة الجرائم ونوعيتها التي يشهدها المجتمع، فقد ظهرت جرائم جديدة تتّسم بالتعقيد والتشابك وتعتمد على تقنيات عالية الاستخدام، وبات من المألوف الحديث عن محاولات نصب على الأفراد عبر "الإنترنت" والمكالمات الهاتفية الدولية، أو اختراق البريد الإلكتروني وسرقة معلومات أو بيانات شخصية، وسرقة البيانات الائتمانية، وتزييف العملات، فيما برزت نوعية أخرى من الجرائم المجتمعية أبطالها عصابات السحر والدجل والشعوذة التي تدّعي قدرتها على توليد الأموال أو علاج الأمراض المزمنة، بل إن هناك نوعية أخرى من الجرائم المنظّمة التي يشترك في تنفيذها عناصر من خارج الدولة بدأت تظهر مؤخراً، كمحاولات الاحتيال المتكررة على "مصرف الإمارات المركزي" خلال العامين الماضيين. وانتشار هذه النوعية من الجرائم الدخيلة على مجتمعنا يمكن تفسيره انطلاقاً من عوامل عدة، بعضها يتعلّق باستغلال بعضهم مناخ الانفتاح الذي تتمتع به الدولة، وما يرتبط به من تطوّر متسارع في مختلف قطاعات الحياة، أصبح يغري بعضهم بالقيام بأنشطة غير مشروعة من ضمنها هذه الجرائم، والمثال على ذلك جرائم خطف بعض المستثمرين من جنسيات آسيوية من جانب بعض العصابات التي تنتمي إلى جنسية هؤلاء المستثمرين نفسها، ومطالبة ذويهم بدفع فدية تقدّر بعشرات الملايين من الدولارات. وبعضها الآخر يرتبط بظاهرة مخالفي الإقامة والمتسلّلين، الذين ثبت تورّط كثير منهم في ارتكاب جرائم متعددة، كالاتجار في المخدرات، أو القيام بسلوكيات غير حضارية كممارسة التسوّل أو الدجل والشعوذة، ذلك لأنهم يعيشون من دون رقابة ومن دون كفيل مسؤول عنهم، وهو الأمر الذي قد يغريهم بالإتيان بهذه السلوكيات التي تهدّد الأمن الاجتماعي. أما العامل الثالث فيرتبط بتأشيرات السياحة والزيارة التي يُساء استخدامها من جانب بعض الشركات، التي تبالغ في استخراج المزيد من هذه التأشيرات والمتاجرة فيها، وتقديمها إلى من يدفع أكثر من دون معرفة دوافع هؤلاء الحقيقية، التي قد تكون ممارسة أعمال غير مشروعة داخل أراضي الدولة من ضمنها هذه الجرائم. وبرغم انتشار هذه النوعية من الجرائم في المجتمع، لكن حجمها ليس مقلقاً إذا تم قياسه بالنسبة إلى معدلات الجريمة عالميّاً، وهذا يرجع في الأساس إلى يقظة الأجهزة الأمنية، وقدرتها على مواجهة المستجدّات التي تشهدها هذه النوعية من الجرائم، بالقدر الذي تستحقّ من السرعة والمبادأة والمهنية، والدليل على ذلك نجاحها في إحباط الكثير من هذه الجرائم قبل أن تقع، كمحاولات الاحتيال على "المصرف المركزي"، إضافة إلى كشف ملابسات العديد من الجرائم الأخرى وخيوطها. إن الجهود التي تبذلها أجهزتنا الأمنية لمواجهة هذه النوعية من الجرائم تستحقّ التقدير والإشادة، لكن ينبغي بالتوازي مع ذلك العمل على سدّ الثغرات التي تقف وراء انتشار هذه الجرائم، والعمل كذلك على توعية أفراد المجتمع بهذه النوعية من الجرائم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.