عندما أمضت العائلة الرئاسية عطلة نهاية الأسبوع في بلدة بار هاربر الشهر الماضي، كان سكان ولاية "مين" سعداء بهذه الزيارة. وعلى الرغم من مناخ "مين" المتقلب الذي يصعب التنبؤ به، إلا أن الجو كان مشمساً ورائعاً؛ وبدا أوباما مرتاح البال غير مهموم عندما كان وأفراد عائلته يقومون بالتنزه مشياً على الأقدام، أو ركوباً على الدرجات الهوائية، أو في جولة بحرية على متن المركب، أو أثناء تذوق سرطان البحر و"الآيس كريم". غير أنه في الطابق العلوي للفندق المطل على الواجهة البحرية حيث كان يقيم الرئيس، وهو الفندق الذي تم تجديده وتغيير سجاده استعدادا لهذه الزيارة، إضافة إلى تركيب نوافذ جديدة له مقاومة للرصاص، لم يكن بوسع مساعدي الرئيس الابتهاج في وقت كان فيه تفكيرهم منصباً على أحدث استطلاعات الرأي والمقالات الصحفية. ففي صيف استياء الناخبين هذا، كانت المؤشرات السيئة نذيراً بما تبين أنها تكهنات خطيرة متواصلة بشأن قدرة الرئيس في 2012 على الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، لاسيما في وقت بات فيه من المسلَّمات أن "الجمهوريين" الذين يوجدون خارج السلطة سيبلون بلاء حسناً في انتخابات الكونجرس النصفية المرتقبة في نوفمبر المقبل، وأن "الديمقراطيين" الذين يوجدون في السلطة سيخسرون عددا من المقاعد. والواقع أنه حتى المتحدث باسم البيت الأبيض "روبرت جيبس" اعترف مؤخراً بأنه "لا شك في أن ثمة مقاعد متنافَس عليها يمكن أن تجعل "الجمهوريين" يكسبون السيطرة" على مجلس النواب. وبسبب ما بدا كلاما بديهيا نسبياً يعكس الحقائق، عانى جيبس – وهو لا يستحق ذلك – واحدة من ضجات واشنطن السياسية والإعلامية حيث انبرى له "الديمقراطيون" القلقون يوبخونه لأنه "انحرف عن المسار". والحال أن المؤشرات تدعم تصريحه؛ إذ يشير عدد كبير من استطلاعات الرأي التي أُجريت خلال الآونة الأخيرة إلى تراجع الثقة في الرئيس والكونجرس الذي يسيطر عليه "الديمقراطيون"، كما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، خلال عطلة نهاية الأسبوع التي أمضاها الرئيس في مين، بأن الانخفاض في معدلات التأييد لأوباما إلى 40 في المئة تقريبا، إلى جانب تصريح جيبس، "يعني مشاكل للرئيس في 2012"؛ ونشرت أكثر من صفحة من الانتقادات والنصائح من شخصيات سياسية. وفي هذا السياق، أشارت دونا برازيل، الناشطة الديمقراطية الشهيرة التي تدافع عن الرئيس بشكل يومي تقريبا على قناة "سي. إن. إن" إلى أنه: "خلق هوة بين ما تتوقعه منه قاعدته والناخبون المتأرجحون وما ينجزه في الواقع". وكتبت تقول: الآن عليه أن "يقرن بين قوة الخطاب والتفاصيل السياسية الدقيقة لإدارته". ومن جانبه، كتب مستشار كلينتون السابق يقول: "بعد انتخابات الكونجرس النصفية، سيواجه الرئيسُ على الأرجح القرارَ نفسه الذي واجهه كلينتون في 1994: مواصلة النهج نفسه على اليسار أو العودة إلى الوسط. والحال أن اختياره يمكن أن يشكِّل الفرقَ بين رئاسة من ولاية وحيدة وأربع سنوات أخرى في الحكم مع الائتلاف الذي انتخبه". غير أنه في حال تعثر أوباما أكثر، فإن الحديث سيزداد في الدوائر السياسية حول مرشح "ديمقراطي" بديل للانتخابات الرئاسية في 2012. وعلى الرغم من نفي هيلاري المتكرر، إلا أن اسمها يصعد إلى الواجهة. صحيح أنها كوزيرة الخارجية أثبتت إخلاصها ووفاءها لأوباما؛ إلا أنها تمكنت من أن تصنع لنفسها سمعة قوية كمستشارة لها باع طويل في الشؤون الخارجية بفضل جهدها الخاص. وتبين بالتالي أنه لا أساس للمخاوف السابقة من أنها ستكون وزيرة خارجية "دمية"، يغطي عليها نائب الرئيس جو بايدن وخبرته الطويلة في هذا المجال. ثم إن كلينتون كانت المرشحةَ الثانية الأبرز للحصول على تزكية الحزب الديمقراطي من أجل التنافس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة باسمه، ومازال لديها أتباع وأحلاف في أوساط النساء، وهي كتلة انتخابية حاسمة. كما أنها أثبتت قدرتها على التقليل من شأن "مشكلة بيل"، حتى في وقت أثبت فيه زوجها أنه يمكن أن يقدم يد المساعدة في الشؤون السياسية للحزب الديمقراطي والشؤون الدولية. ولكن، ماذا عن المرشحين الرئاسيين "الجمهوريين" في 2012؟ هنا يبرز اسم سارة بالين، التي تقدمت في استطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب خلال الآونة الأخيرة بـ76 في المئة من معدلات التأييد بالنسبة لمرشحين رئاسيين "جمهوريين" ممكنين. وأتى في المرتبة الثانية حاكم ولاية أركنسو مايك هاكبي، ثم رئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش، ثم حاكم ولاية ماساتشوسيتس السابق ميت رومني، فحاكم ولاية لويزيانا بوبي جيندل – وفق هذا الترتيب. ويعتقد العديد من المراقبين السياسيين أنه على الرغم من أن بالين تمثل قوة مهمة ومؤثرة في السياسة "الجمهورية"، ولاسيما وسط النساء التي تصفهن بـ"الأمهات الدببة" (ماما جريزليز)، إلا أنها من المستبعد أن تفوز بالرئاسة. ولكن ونظرا لمزاج الناخبين القلقين والانفعاليين والأوضاع السياسية الحالية التي توجد في حالة زئبقية، فمن يستطيع أن يجزم ويستبعد بشكل يقيني حملةً انتخابيةً في 2012 تتقابل فيها كلينتون مع بالين؟ جون هيوز ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مساعد وزير الخارجية في إدارة ريجان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"