في إطار التوجه الاستراتيجي الذي تتبنّاه الجهات القائمة على المشروع النووي السلمي للدولة، الخاص بإعداد الكوادر المواطنة في مجال الطاقة النووية، بدأ طلاب من معاهد التكنولوجيا التطبيقية الأيام الماضية بالتدريب العملي في محطات الطاقة النووية في كوريا الجنوبية خلال فترة الصيف، ضمن برنامج يشتمل على جوانب نظرية وعملية مهمة، فضلاً عن زيارات ميدانية لكبرى الشركات الكورية التي تعتبر من أفضل المؤسسات العالمية في مجالات الطاقة النووية للتصنيع الثقيل، والإنشاءات النووية. إن التوجه نحو تدريب الطلاب عملياً ضمن برامج عالية المستوى خلال فترة الصيف كهذا البرنامج، علاوة على كونه يضيف إلى خبراتهم التعليمية والتدريبية جرعات متطورة في مجالات فنية ونوعية دقيقة تتعلق بكيفية تشغيل المفاعلات النووية وأمانها وسلامتها ما يفتح أمامهم المجال في المستقبل القريب للالتحاق بهذا المجال والتفوق فيه وامتلاك أدواته المختلفة، فإنه يأتي في إطار تهيئة البنية التحتية اللازمة لإنجاز المشروع النووي لدولة الإمارات للأغراض السلمية أيضاً، الذي يتوقع أن يبدأ العمل فعلياً في عام 2017، ويشكّل الجانب البشري أحد المقومات المهمة والأساسية في إدارة هذا المشروع؛ ولهذا تحرص الجهات المعنية على إيجاد الكوادر المواطنة وتأهيلهم وتدريبهم لامتلاك المعرفة في مجال الطاقة النووية، بما تنطوي عليه من تكنولوجيا متقدمة ومتطورة. ما يبعث على التفاؤل في هذا الشأن أن هناك خطوات عدة متقدمة تمّ اتخاذها في الفترة القليلة الماضية، على صعيد تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، سواء من خلال الدورات التدريبية التي يتم توفيرها لطلابنا في الشركات العالمية ذات الخبرة الواسعة في مجال الطاقة النووية، أو من خلال ابتعاث عشرات المهندسين الإماراتيين في المجال النووي السلمي إلى أهم جامعات العالم المهتمة بالهندسة النووية، الذين سيمثلون فور عودتهم القاعدة الرئيسية لتشغيل البرنامج النووي السلمي للدولة، بالإضافة إلى ما سبق فإن "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" تدعم البرامج التدريبية المتخصصة لتأهيل الكوادر المواطنة من مهندسين وفنيين في مشروع الطاقة النووية، حيث يمثل ذلك أهم الأولويات لدى المؤسسة لتوفير عناصر مواطنة مؤهلة بأعلى المهارات التي توازي المواصفات العالمية، وبما ينسجم مع تلبية احتياجات المرحلة وللمساعدة على تأهيل القوى البشرية المطلوبة، والعمل على تمكينها من إيجاد المعرفة العلمية في مجالات الطاقة النووية التي تخدم أغراضاً تنموية وطنية شاملة. لا شك في أن حرص الجهات والمؤسسات المعنية على وجود كوادر بشرية مواطنة في مجالات الطاقة النووية يعكس توجّهاً استراتيجياً يستند إلى حسابات وتقديرات دقيقة، ضمن التصور العام للدولة لامتلاك هذه النوعية من الطاقة التي يعمل العالم كله على الحصول عليها، ولذلك يجيء الاهتمام بتوفير جميع الإمكانات اللازمة لإنجاح هذا التوجه وتحقيق أهدافه المرجوة؛ خاصة أن الطاقة النووية أصبحت من أهم التخصصات الدقيقة التي تخدم عملية التنمية، وهذا يعني أن الاستثمار في العنصر البشري المتخصص في هذا المجال الحيوي هو بمنزلة استثمار للمستقبل، خاصة إذا ما كان قادراً على توظيف هذه الطاقة في المجالات المختلفة، كما أن الطاقة النووية من ناحية أخرى تعتبر من المجالات الحيوية التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالأمن القومي للدولة، ولذا فمن المهم أن يكون القائمون على إدارتها من الكوادر المواطنة التي تحرص على بذل كل جهد من أجل إنجاح هذا التوجه. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية