في تقديري، هناك أخطاء فادحة في الاقتراح الذي يدعو الكونجرس لتخصيص معتقل خليج جوانتانامو ليعمل كجزء من المحاكمة الفيدرالية المدنية القائمة حاليا، لمحاكمة المتهمين بالمشاركة في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. حجة القاضيين والمسؤولين السابقين "يوجين آرز سوليفان" و"لويس جيه فريه" هي إن إجراء محاكمة فيدرالية مدنية في جوانتانامو، سيضمن تقديم محاكمة عادلة، ومستقلة، وتحظى باحترام شامل، بدلا من محاكمة هؤلاء المتهمين أمام المحاكم العسكرية " غير المختبرة، والتي يثار حولها جدل واسع"، علاوة على أن هذه المحاكمة المدنية المنعقدة في ذلك المعتقل السابق، ستضمن حرمان "خالد شيخ محمد" وآخرين من منبر عسكري، يمكن أن يعزز صورهم كـ"محاربين" من جهة كما يساعد من جهة أخرى، على تجنب الأكلاف المدنية" التي يمكن أن تترتب على عقد هذه المحكمة في أي مكان آخر في الولايات المتحدة.وفي رأيي أنهما ليسا على صواب من عدة نواحي. الأولى، إن "التعديل السادس" في الدستور الأميركي، يضمن توفير محكمة مدنية عادلة أمام هيئة محلفين محايدة بشرط أن يكون ذلك في "المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة". وتطبيق هذا النص يعني الاستعانة بهيئة محلفين من المنطقة الجنوبية من نيويورك، والمقاطعة الشرقية من فرجينيا، والمقاطعة الغربية من بنسلفانيا أو الولايات الأخرى التي انطلقت منها رحلات الطائرات التي قادها الإرهابيون في الهجوم. ومن الصعب طبعا أن يشارك قضاة من هذه المناطق في محاكمة مدنية تعقد في "جوانتانامو" دون أن يلاحظ أصدقاؤهم وزملاؤهم وعائلاتهم في العمل أنهم مكلفون بمهمة في منطقة نائية، وهو ما سيجعل من مسألة المحافظة على سرية هوية هؤلاء القضاة أمراً صعباً، وقد يعرضهم بعد عودتهم من المحكمة لمناطقهم الأصلية لمشكلات أمنية. الثانية، أنه ليس هناك ضمان بأن القرارات التي ستتخذها محكمة ادعاء مدنية فيدرالية تعقد في "جوانتانامو" سيتم النظر إليها على أنها قرارات صادرة، من محكمة مستقلة، وعادلة. أما فيما يتعلق بمسألة أيهما أفضل المحاكم المدنية أو المحاكم العسكرية؟ فلا بد أن نقرر بداية أن العالم المتحضر، قد أسس قانونا لقواعد الحرب، ينص على أن من لا يلتزمون بتلك القواعد أو ينتهكونها ستتم معاملتهم كمجرمي حرب، وليس كمجرمين عاديين. وهناك نقطة أخرى، وهي أن المدافعين عن إجراء محاكمات مدنية، يتغافلون عن الصعاب التي تقترن بتلك المحاكم عندما يكون الأشخاص الذين تحاكمهم إرهابيين. من هذه الصعاب على سبيل المثال أن هؤلاء الإرهابيين يرتكبون جرائمهم عادة في أماكن، لا يتيسر فيها جمع الأدلة بنفس الطريقة التي يتم بها جمع الأدلة عندما يتم القبض على الشخص المرتكب للجرم بواسطة السلطات المدنية العادية. وعلى الرغم من أننا حققنا نجاحاً في المدى القصير مع المحاكم العسكرية، فإننا نريد مع ذلك مؤسسة تستطيع القيام بإنجاز التفويض الممنوح لها من قبل الكونجرس بشأن محاكمة الإرهابيين، في المدى الطويل، وبموافقة من كافة مستويات الحكومة. واقترح حلًا هو إنشاء محكمة مخصصة لمحاكمة المتهمين بارتكاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، برئاسة قضاة من الفئة المحددة في الفقرة الثالثة من التعديل السادس، ويشارك فيها مجالس محلفين تستمد أعضاءها من القوات المسلحة. لكن هذا للأسف، غير قابل للتطبيق الآن، تماما مثلما أن معتقل جوانتانامو ليس صالح للتطبيق من الناحية العملية أيضا. ليس أمامنا، سوى استخدام الأدوات التي حددها الكونجرس وهي: محاكم عسكرية في جوانتانامو، وهو موقع تتوافر في رأينا صفات هي أنه: ناءٍ، وآمن، وأكثر إنسانية. علاوة على أن التسهيلات التي توفرها قاعات هذه المحاكم، ليس لها مثيل في أي مكان آخر في أميركا خصوصاً فيما يتعلق بمعالجة البيانات ذات السرية العالية، فضلًا عن أنها تضم قاعات مناسبة للصحافة يمكن من خلالها مراقبة الإجراءات التي تتم. فإذا كنا نفخر بأننا أمة قانون، فيجب أن نبدأ بتطبيق القانون الذي لدينا. مايكل بي. ماكيسي وزير العدل الأميركي الأسبق ( 2007 ـ 2009) ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"