تُعد السياحة إحدى وسائل الترفيه عن النفس، وطرد الممل والروتين، كما أنها جمع لشمل الأسرة، التي لاتكاد تجتمع خلال العام، إضافة إلى أنها وسيلة للتربية والثقافة. فخلال العام يعيش معظم البشر حياة روتينية، تتلخص في الدوام ثم المنزل، فالأصدقاء... وهكذا تمر حياة الإنسان بصورة متسارعة، وهو لايعرف كيف يكسرها أو يغيرها، وكثير من الناس لا يقوم بهذه العملية إلا في السفر حيث تغير الأماكن يقتضي في الأصل كسر هذا الروتين. لكن من الملاحظ على البعض أن سفره أصبح روتينياً في حد ذاته يتلخص في التعود على الذهاب إلى نفس وجهة السفر كل عام. أعرف نفراً من الأصحاب له أكثر من عشر سنين، يذهب هو وأسرته إلى نفس الدولة، ويسكن في نفس الشقة، ويتمشى في الشارع نفسه، ويتسوق من المكان، الذي تعود عليه، ويجلس في المساء في مقهى تعود عليه الناس، وهنا يطرح سؤال نفسه: هل كسر هذا الإنسان روتين حياته في هذا السفر؟ النقطة الثانية في فوائد السفر كما يُقال تتمثل في لم شمل الأسرة التي تلهت بمشاغل الحياة عن بعضهم البعض، فالأب في الدوام، وكذلك الأم. أما الأبناء، فكل مشغول بدراسته وهمه، وإذا جاءت إجازة نهاية الأسبوع، تجد أن الكل يرغب في الهرب من البيت تحت حجة كسر الروتين، لذلك تجد أن بعض الأسر لا تجتمع إلا في السفر. لكن الغريب في الأمر أن هذا الجمع ينتهي بمجرد الخروج من سلم الطائرة، فكل فرد من هذه الأسر له أجندته الخاصة من السفر لذلك يرجعون مرة أخرى إلى ما تعودوا عليه خلال العام. أما البعد الثقافي والمعرفي من السفر، فحدث عنه ولا حرج، فالكثير من السياح العرب، لايعرف من الدول التي زارها إلا الشارع الذي يسكن فيه، وقد تخصصت النساء للأسف الشديد في التسوق فثقافتهن كبيرة وغزيرة في هذا المجال. ومن يتصفح بعض منتديات النساء يجد عبارات مثل "في هذه الدولة لايوجد أروع من شارع كذا أو مركز معين" بالرغم من أن جل العرب يسيحون في دول لها ثقافتها وتاريخها الذي بإمكاننا أن نتعلم ونعلم الأبناء منه الشيء الكثير. لو أضفنا في تاريخ السفر لدى العرب، سنجد الإنفاق في غير محله، وعدم المعرفة بسبل الاقتصاد، وتوفير المال. التقيت بعربي في بهو فندق، وتحدث معي عن غلاء السفر في تلك الدولة ضرب لي مثلا أنه انتقل هو وأسرته من مدينة إلى أخرى بمبلغ 5000 درهم عبر سيارة الأجرة، وقد استغرب عندما عرف أنني أجرت سيارة لمدة تجاوز 3 أسابيع بأقل من هذا المبلغ، لكنني كنت السائق لتلك السيارة ، كما أن صاحبنا كان بإمكانه توفير الكثير لو أنه استخدم المواصلات العامة من حافلات وقطارات للتنقل. الغربي عندما يسافر، فإن ميزانيته تقل عن ما ينفق في بلده، لأنه يتحرك بنظام محدد، ويعرف أن لماله قيمة لابد من الاستفادة منها، وبالذات مع الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها العالم. أما العربي فهو من ينفق ولا يفكر عملياً في مردود هذا الإنفاق. ومن مؤشرات ذلك أن بعض العرب لا يهتم مثلًا باسترداد قيمة الضريبة على مشترياته، وهو مغادر للدولة التي زارها، فمتى ينجح العربي في الاستفادة من سفراته؟