يُنظَر إلى العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في أحيان كثيرة على أنها نزاع فيه بالضرورة خاسر ورابح، وأن ما هو جيد لأحد الطرفين سيئ للطرف الآخر. وواقع الأمر أن كلا الطرفين ولأسباب مختلفة يحتاج الشيء نفسه: اتفاقية متفاوض عليها تنهي الاحتلال إلى الأبد. لا يستطيع الفلسطينيون تحقيق هدفهم الأساسي في الاستقلال والدولة في غياب اتفاقية متفاوض عليها. وبالمثل، لا تستطيع إسرائيل تحقيق السلام وحدود مثبتة وقبولا إقليمياً في غياب اتفاقية متفاوض عليها. لكن الإسرائيليين والفلسطينيين، ولفترة طالت أكثر من اللازم، نظروا إلى بعضهم بعضاً نظرة شك عميق. وتشير نتائج استطلاعات للرأي العام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أن غالبيات كبرى من كلا المجتمعين، رغم كونها إلى جانب حل الدولتين، فإنها متشائمة من قدرتها على إمكانية تحقيق ذلك الحل، ومقتنعة بأن الطرف الآخر مراوغ وغير صادق. وينعكس هذا الموقف بين العديد من الأميركيين العرب واليهود. لقد منعت هذه التعميمات الواسعة، المتأصّلة في عقود من الشك وانعدام الثقة، منعت المجموعتين من العمل معاً لتحقيق هدف مشترك جرى التنبؤ به. ومن الأساسي أن ندرك الارتباط العميق لكل من الفلسطينيين واليهود بأرض فلسطين. وهما يقدمان سردين غير متناغمين كلياً، وأشك أنهما سيكونان كذلك في يوم من الأيام. لكن يتعين التعبير عن كليهما من خلال دولتين مختلفتين منفصلتين ومستقلتين تتمتع كل منهما بالسيادة وتعيشان جنباً إلى جنب بسلام. وهنا، باعتقادي أنه حتى بين هذه العناصر في كل من مجتمعينا اللذين يدعمان اتفاقية الدولتين، ثمة الكثير مما ينبغي إتمامه. فهناك البعض ممن يدّعون الدعم لاتفاقية كهذه بإنكار شرعية السرد الوطني للطرف الآخر ويقترحون مشروعاً وطنياً واحداً فقط، شرعيا بشكل صحيح. يجب تحدّي هذا الموقف لأنه يعمل على إفشال الوضع العقلي المطلوب لتقبّل المصالح الوطنية لكلا المجموعتين. يشعر العديد من الإسرائيليين وأصدقائهم الأميركيين بالقلق فيما يتعلق بـ"نزع الشرعية" عن إسرائيل، وهذا أمر مفهوم. لا يمكن بناء مستقبل سلمي للفلسطينيين والمنطقة بأسرها إلا عندما تُعطى الشرعية لإسرائيل ضمن اتفاقية تنهي النزاع من خلال إيجاد دولة فلسطينية قادرة على البقاء. وفيما نُعارض، نحن فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين، نزع الشرعية عن إسرائيل، نعارض أيضاً الاحتلال وندعم الجهود السلمية اللاعنفية لإنهائه. لقد دعمنا الجهود الفلسطينية لبناء الإطار المؤسسي للدولة الفلسطينية بهدف إنهاء الاحتلال. ساندنا كذلك جهود الاحتجاج اللاعنفي مثل المقاطعة الشعبية لبضائع المستوطنات. ولا يشعر بعض الإسرائيليين بالارتياح من هذا التمييز ويرون جهوداً كهذه على أنها جزء من حملة نزع الشرعية. نحن نختلف مع ذلك، ونرى أنه يجب إنهاء الاحتلال حتى يحل السلام، وأن تتاح للفلسطينيين معارضة الاحتلال بشكل سلمي لتحقيق استقلالهم. عندما قمنا بتأسيس فريق العمل من أجل فلسطين، فعلنا ذلك رغم فهمنا ومعرفتنا بوجود خيارات صعبة يجب اتخاذها، وأنه يتوجب علينا أن نكون مستعدين لاتخاذ هذه القرارات، وقد فعلنا ذلك. فلدى جميع الأطراف خيارات صعبة يجب اتخاذها. د. زياد عسلي رئيس "فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين" ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية