سلام مراوغ في الشرق الأوسط... وطريق شاق أمام الاقتصاد البريطاني سلام الشرق الأوسط، والأزمة المالية في بريطانيا، واستشراء خطر الجماعات الأصولية الطائفية في باكستان، ومكانة الأمم المتحدة في العالم المعولم... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحف البريطانية. *"سلام مراوغ": في مقالتها تحت عنوان "كامب ديفيد والسلام المراوغ" المنشورة في عدد" الجارديان" الاثنين الماضي، تستعيد بيترا ماركوارت - بيجمان ذكريات محادثات السلام التي جرت في منتجع كامب ديفيد عام 2000 بين الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "إيهود أولمرت" وتقول إنها تتفق مع المحللين والخبراء السياسيين الذين قالوا آنذاك إن تلك المباحثات لم تكن مسبوقة لا في النطاق ولا في التفاصيل، وأنها كانت تعد بالفعل بالتوصل لاتفاق لإيجاد حل مقبول للصراع العربي - الإسرائيلي. وهي ترى كذلك أن فشل تلك المفاوضات وأعمال العنف الدامي التي اندلعت بعدها بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد وجهت ضربة قاصمة لمعسكر السلام في إسرائيل لم يفق من آثارها حتى اليوم، وأن كافة الإجراءات التي اتبعتها إسرائيل بعد ذلك بذريعة الأمن مثل الحصار والإغلاق ونقاط التفتيش وبعد ذلك المستعمرات الرسمية والعشوائية والطرق الالتفافية والجدار العازل لم تفلح في تحقيق ذلك الأمن. وأن كافة الجهود الدولية التي تمت منذ ذلك الوقت للتوصل لاتفاق سلام مثل "الرباعية الدولية" ومؤتمر أنابوليس لم تفلح في تحقيق شيء، ولا يبدو أن الجهود التي تقوم بها الإدارة الحالية تفلح حتى الآن بسبب العوائق والعراقيل التي يضعها بنيامين نتنياهو وبسبب الضغط التي تمارسه اللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة على الكونجرس. ولا تعفي الكاتبة الفلسطينيين من المسؤولية عن تعثر السلام حيث انشغلوا بالنزاعات والمشكلات والصراعات على السلطة والنفوذ فيما بينهم وليس من أجل قضيتهم. *"طريق طويل". وتحت عنوان "الطريق الطويل والمليء بالعقبات" للسلام علقت افتتاحية "الديلي تلغراف" على السجال الدائر في بريطانيا حول التعافي الاقتصادي، وسياسات الحكومة الائتلافية البريطانية الجديدة، فقالت إن هؤلاء الذين كانوا يأملون في تعافٍ سلسٍ وخالٍ من المتاعب، لابد وأن يكونوا قد أصيبوا الآن بقدر من خيبة الأمل بسبب العقبات، التي تواجه ذلك التعافي والمؤشرات السلبية، التي تظهر بين حين وآخر، ومنها ما أعلنه بنك إنجلترا مؤخراً بعد بحث أجراه على شروط الائتمان حول نيته سحب إجراءات التحفيز خلال الشهور القادمة، ووضع شروط أصعب للحصول على قروض عقارية مما سيعني المزيد من المصاعب لسوق الإسكان الذي يعاني من التباطؤ في الوقت الراهن، وكذلك التحذير الذي اطلقه "آدم بوسن"، عضو لجنة السياسة النقدية من أن احتمال حدوث ركود مزدوج أي تعافٍ مؤقته يلتوه انتكاس وركود مرة ثانية لا يزال قائماً. ومن تلك المؤشرات أيضاً ما تعلنه مؤسسات التقييم العالية من آن لآخر من أن الاقتصاد العالمي ونظام الصناديق السيادية تمر في الوقت الراهن بمنعطف حرج. بناء على كل تلك الحقائق دعت الصحيفة الشعب البريطاني إلى إدراك أن الخروج من أكبر أزمة اقتصادية تواجه العالم منذ الكساد العظيم في الستينيات سيكون بطيئاً، وصعباً ومؤلماً، وأن تلمس سبل الخروج من هذا الكساد يجب أن يكون هو مهمة الحكومة الائتلافية الجديدة، التي يجب أن تعمل من جانبها على توضيح كافة أبعاد الصورة، وتحديد السياسات التي ستتخذ في سبيل ذلك والنتائج المتوقعة منها، بعد أن تكون قد عملت قبل ذلك بقدر طاقتها على إزالة آثار الدمار الذي خلفته سنوات حكم "العمال" على الاقتصاد البريطاني. *"خطر الطائفية": وتحت عنوان "الطائفية تسمم الجسم الباكستاني"، كتب "باسم عثماني" في عدد "الجارديان" الصادر الاثنين الماضي يقول فيه إن الهجمات الأخيرة على المزارات المقدسة في لاهور، بواسطة جماعات من المتطرفين تبرز بجلاء الدور الخطير الذي تلعبه تلك الجماعات، في تقويض الأمن في باكستان، وتهديد وجود الدولة نفسه بخطر داهم. وهو يرى أن تلك الهجمات الدامية على بعض الطوائف الدينية مثل الطائفة الأحمدية على سبيل المثال، تبرز الوجه الطائفي القبيح لتلك الجماعات وتكذب دعاواها حول أن العمليات التي تقوم بها موجهه في المقام الأول لمقاومة تزايد النفوذ الأميركي في باكستان، والتواطؤ بين المؤسسة العسكرية في ذلك البلد وكذلك جهاز الاستخبارات العسكري القوي مع القوات الأميركية لضرب "طالبان" باكستان التي تقدم المساعدة والدعم لقوات التمرد في أفغانستان. ويرى الكاتب أن الطائفية، المتمثلة في ضرب مساجد ومزارات الطوائف الأخرى تدل على أن أهداف هذه الجماعات ومحركاتها طائفية في الأساس، ودعا الدولة للتعامل مع هذا الخطر الداهم واتخاذ إجراءات صارمة ضد رجال الدين الذين يصدرون الفتاوى ورخص القتل لتلك الجماعات التي تهدد بتسمم الجسم الباكستاني برمته. *"الأمم المتحدة والعولمة": "لا تزال ذات صلة في عالم معولم" اختارت "الاندبندنت" هذا العنوان لافتتاحيتها الثلاثاء الماضي، التي بدأتها بالقول إن ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، كانت تدرك جيداً قيمة المنظمات الكبرى وعلى رأسها بالطبع الأمم المتحدة، حين ألقت كلمتها أمام الجمعية العامة الثلاثاء الماضي بعد مرور ما يزيد على خمسين عاماً عن إلقاء آخر كلمة لها أمامها عام 1957، كما كانت تدرك أيضاً أن الكثير من جوانب النقد التي توجه لهذه المنظمة الدولية بها قدر كبير من التجني تماماً مثل الانتقادات التي توجه للملكية في بريطانيا، وأن المنظمة الدولية قد وفرت منذ إنشائها بعد الحرب العالمية الثانية ساحة دائمة للحوار بالكلمات كي تكون بديلًا للحوار بالسلاح في ميادين المعارك، وأنها على الرغم من بعض الإخفاقات الكبرى في تاريخها مثل عجزها عن التدخل في مذابح راوندا عام 1994، ونواحي الفشل الأخرى التي تعاني منها مثل البيروقراطية المفرطة والإسراف، إلا أنها قد حققت نجاحات ضخمة أيضا في مهام حفظ السلام، التي قامت وتقوم بها في مناطق الصراعات الكبرى كما نجحت إلى حد كبير في إرساء قواعد العدالة الدولية من خلال محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وساعدت في تخفيف معاناة اللاجئين والنازحين والفقراء والمحرومين والفئات المنكشفة عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) ومنظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها. وفندت الصحيفة آراء من يقولون إن المنظمة باتت غير ذات صلة في العالم المعولم، وأكدت أنها قادرة على القيام بأدوار جديدة ـ بالإضافة إلى أدوارها الجديدة التقليدية ـ في مجالات متنوعة مثل التغير المناخي، ومقاومة الفقر، والأوبئة، والتعاون مع الجهد المناوئ للإرهاب الدولي، والمشاركة في جهود الحد من الانتشار النووي، وغير ذلك من جهود تستلزمها طبيعة البيئة المعولمة الجديدة. إعداد: سعيد كامل