قرأت يوم الخميس الماضي مقال د. أحمد عبد الملك ويقول فيه:"لقد تعرضت اللغة العربية على مدى التاريخ إلى حالات من التشويه من خلال دخول غير العرب في ردهات الملوك السابقين"! وفي تعقيبي عليه أقول: صحيح أن اختلاط العرب (الفاتحين) بغير العرب أفسد -أو شوه على حد قول الكاتب- اللغة العربية. والعيب ليس في غير العرب، بل في العرب أنفسهم، لضعف حصانتهم الثقافية ومناعتهم اللغوية– والبقاء للأقوى، وميلهم إليهم كل الميل لأسباب سياسية وأخرى عاطفية. وإلا لكان العكس هو المفروض، أن يفرض الفاتحون لغتهم وثقافتهم على الشعوب المفتوحة! كما حصل في الهند بالنسبة للغة الإنجليزية، وفي المغرب العربي بالنسبة للفرنسية. وإذا أردت قراءة كتب تاريخ الأدب العربي في العصر العباسي بالأخص، ترى الشعراء يتنافسون فيما بينهم في إدخال الكلمات الأعجمية – الفارسية بالذات – في مفرداتهم الشعرية ويتفاخرون بها، بل يعدونها لوناً جديداً من ألوان الشعر! فأين الخلل؟ ومن المسؤول عن تشوه اللغة العربية الجميلة؟ ومن حسن الحظ أن الكاتب لم يلق اللائمة على غير العرب في الانهيار اللغوي الراهن، وحمل أهلها المسؤولية. وكل ما شرح من صور التساهل، والتجني على حق اللغة العربية حق، والحقيقة أكبر مما قال. إنك ترى شخصاً تتأكد من أنه عربي قح، فتبادره بالعربية، فيرد عليك بالإنجليزية! لأنه لم يعد يفتخر بلغته... والله المستعان! ومجمل القول إنه لا ينبغي أن نقسم علماءنا إلى عرب وغير عرب. د. أبوبكر محمد- العين