كيف احتلت دبي وأبوظبي المراكز الأولى في غلائهما مقارنة بكل المدن الشرق أوسطية؟ وكيف تكون مقارنتهما منصفة مع مدن جارة أخرى تتشابه فيها الظروف والمعطيات الجغرافية والقوة الاقتصادية وتختلف معها من حيث التقييم؟ فلماذا تكون دبي أغلى من الرياض؟ ولماذا تفوق أبوظبي الدوحة أو مسقط في غلاء المعيشة؟ هذا الغلاء قد يعرقل الأفكار الاستثمارية، التي يراد منها تنشيط الحركة الاقتصادية في المجتمع، ويعزز نموه في قطاعات كالصناعة والتجارة والسياحة. فالمستثمر يبحث عن مسكن ومعيشة ذات تكاليف منطقية لتساعده على تسيير استثماره والاستمرارية، وهذا ما يندرج على كافة أنواع الاستثمار، سواء أكان المستثمر محليا أو مواطنا أو أجنبيا يبحث عن فرص واعدة في المنطقة. وإلى اليوم لا توجد دراسات جادة تبحث في أسباب هذا الغلاء وتحقق في لماذا يشكو كثيرون من غلاء الغذاء والدواء والمسكن؟ وهو أمر في غاية الأهمية، لأن له أبعادا اقتصادية مستقبلية قد تبين بأن السبب وراء هذا الغلاء هو عدم تفعيل فكر اقتصادي ناضج يضمن جودة الحياة وتناسبها مع مستويات الطبقات المختلفة في المجتمع. ولا شك أن دولة الإمارات تتمتع بسمعة طيبة في كونها منفتحة على الثقافات الأخرى وشعبها مسالم، وبالتالي صارت منطقة جذب للباحثين عن فرص عمل أو فرص استثمار متميزة. يجب أن لا نعول على هذه المزايا، وألا يعتبرها البعض فرصة سانحة لزيادة أسعار المنتجات والسلع. إبقاء الوضع على ما هو عليه يؤثر سلباً على الاقتصاد، ويجعل البعض يبحث عن بدائل توفر معيشة سهلة وفرصة عمل تمكنه من الإدخار. فالبحث وراء الغلاء الذي يطال كثيراً من مفاصل الحياة اليومية يجعل من الضرورة بمكان طرح تساؤل مؤداه: إلى متى؟... فإذا كان الرهان على نوعية الحياة وعلى الخدمات المقدمة للجميع، فإن هناك عواصم ومدنا شقيقة باتت تسعى للوصول إلى ذات نوعية الخدمات بسعر أقل بكثير مما نجده الآن. فهذه الشكوى تنسحب على الوافد وعلى المواطن الذي صار يشكو الأمرين من غلاء الأسعار في كل حياته... فالغذاء والدواء والتعليم والمسكن صاروا، بالنسبة للبعض، مصدر قلق يومي يصيبهم بالأرق، هذا الكلام ينطبق على الذين لا دخل لهم سوى رواتبهم الشهرية، وبالتالي تحول الأمر إلى عبء يتعين مجابهته والبحث عن بدائل وحلول، تضع حداً لتصاعد الغلاء، وذلك من أجل الحفاظ على مقومات حياة كريمة ومستوى معيشي معقول يحفظ للإنسان حياة ميسورة. هذا التصنيف مدعاة لطرح عشرات الأسئلة، التي تدور كلها في فلك لماذا؟ وإلى متى سنبقى المدن الأغلى دون أن نعرف كيف وصلنا إلى هذا الغلاء، وهل من حلول جادة نبحث من خلالها عن الأسباب والمسببات.