أعتقد أن الصواب لم يجانب غازي العريضي في مقاله "تراجع عالمي... مشاهد من المونديال"، بل ربما عبّر عما يبدو لي أنه الحقيقة التي يستشعرها اليوم كثيرون منا في أنحاء المعمورة، وهي أن ثمة تراجعاً عاماً على الصعيد العالمي، وأن الأجيال الحالية من البشرية تفتقد إلى كثير من السمو والأريحية النفسية والأخلاقية التي ميزت أسلافها حتى وقت قريب. فالكرة لم تعد لعبة رياضية للتسلية والترفيه والتقريب بين الناس، بل مناسبة لإظهار أسوأ المكبوتات وأقلها إنسانية، وقد نسي الكثيرون أنها لعبة وصاروا يضفون عليها من الاهتمام والجدية ما جعل مباراتها أقرب إلى الحرب المصيرية التي يتعين على أحد المتصارعين أن يكسبها من خلال سحق الطرف الآخر وإنهائه كلياً..! لم تعد الكرة مجرد لعبة، ولم تعد الفنون ممارسة راقية، بل فقدت الرياضة روحها الرياضية، وأصبحت الفنون وسيلة لمخاطبة الغرائز والجوانب البهيمية! إنه التدهور الذي أصاب الكثير من مجالات الحياة المعاصرة، بما في ذلك الفنون والرياضات والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية... ولا يكاد يخلو منه مظهر من المظاهر في هذه الأيام. ويتجلى التدهور حين نقارن أخلاق اللاعبين والفنانين والساسة والاقتصاديين، بين الحاضر والماضي، حيث نحس جميعاً بأن الأجيال السابقة كانت أكثر اتزاناً نفسياً وأخلاقياً، وربما أيضاً أكثر قناعة ورضى بما أُتيح لها في حينه. شكري أحمد -الشارقة