أقال أوباما قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي أطلق تصريحات جريئة ضد الرئيس الأميركي والقيادات السياسية في واشنطن، وقد أكد أوباما أنه أقال جنراله في أفغانستان ليس بسبب آرائه وهجومه على الرئيس وفريق السياسة الأميركية، بل أقاله لأن الانتقادات جاءت في الوقت الذي تحتاج فيه القوات الأميركية للدعم والتأييد في حربها ضد "طالبان". والراهن أن إقالة قائد القوات الأميركية في أفغانستان تثير تساؤلات حول مستقبل السياسة الأميركية في المنطقة، فعلى رغم تأكيدات الرئيس بأن واشنطن لن تغير سياستها في أفغانستان، وأن الانسحاب الأميركي سيتم في الموعد المناسب، إلا أن هنالك شكوكاً في واشنطن تثار حول مستقبل المهمة في أفغانستان. فبعض العسكريين والسياسيين يرون أن هذه الحرب لا يمكن كسبها لأن الولاءات القبلية متفشية في بلاد الأفغان وتتغير يوميّاً.. هذا إضافة إلى تعقيدات المهمة الكثيرة، وتكفي هنا الإشارة إلى أن أوباما على رغم إرساله قبل سبعة أشهر لقوات إضافية إلى أفغانستان، إلا أن هذا المجهود العسكري لم يحقق النتائج المطلوبة وخصوصاً أن هنالك شكاً بين القادة العسكريين والسياسيين حول أداء حكومة كرزاي في أفغانستان، التي يصفونها بأنها فاسدة ولا يمكن الوثوق بها، بل إن بعضهم يزيد على ذلك بالقول إن هذه الحكومة ضعيفة ومخترقة وغير قادرة على الاحتفاظ بالأراضي التي حررتها القوات الأميركية من "طالبان". والحال أن الإشكالية التي وقعت فيها أميركا وأثارها الجنرال المقال هي عدم حصولها على الدعم الكافي من حكومة كرزاي الأفغانية، فالحكومة الفاسدة لا يمكن الوثوق بها، فهي ليست قادرة على الاحتفاظ بالمناطق التي حررها الأميركيون.. فكيف لها الاحتفاظ بالحكم بعد مغادرة القوات الأميركية؟ ماذا تعني الإشكالية الأفغانية للمنطقة بشكل عام وللخليج بشكل خاص؟ لقد بدأت دول المنطقة المجاورة لأفغانستان، وأولها باكستان، تعيد النظر في سياستها المستقبلية مع واشنطن وخصوصاً أنها تشعر بأن مشاكل أميركا في أفغانستان ستنعكس على تلك الدول سلباً، ولذلك يفكر القادة العسكريون الباكستانيون بأن من الأفضل لهم الآن إيجاد تسوية وحلول سياسية مع المعارضة الأفغانية.. وبعض قادة "طالبان". هذا إضافة إلى أن الجنرال أشفق كياني، قائد الأركان الباكستانية، صرح بأنه يفضل إدارة الجنرال المقال ماكريستال على الجنرال المعين ديفيد بتراويس القائد الجديد للقوات الأميركية في أفغانستان. إن إقامة علاقات بين واشنطن وبعض الفصائل في "طالبان"، تخلق مشاكل جديدة لأميركا في المنطقة، وخصوصاً أن واشنطن قد تحاول اليوم فرض حصار اقتصادي ضد إيران وتحتاج لمؤازرة كل دول المنطقة. ولكن واشنطن بسبب سياستها الداعمة لإسرائيل، فقدت مصداقيتها مع دول الاعتدال العربي لأنها لم تحقق مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة، كما تعاني العلاقات الأميركية- التركية بعض المشاكل بسبب الموقف من إسرائيل. أما دول الخليج العربية ودول الاعتدال العربي فتجد نفسها في موقف حرج، فهي من جهة تؤيد سياسة التشدد ومحاربة الإرهاب في أفغانستان، ولكنها اليوم تجد أيضاً أن السياسة الأميركية في أفغانستان قد تتغير بسبب الضغوط الشعبية الأميركية ضد تلك الحرب العبثية.