أصبح الاهتمام بتطوير نظم الأمن الإلكتروني يشكّل أولوية متقدّمة لدى كثير من الدول في الآونة الأخيرة، بعد انتشار الجرائم الإلكترونية، وتطوّر الهجمات التي يشهدها الفضاء الإلكتروني على أيدي قراصنة الكمبيوتر، وتنامي عمليات التخريب والتجسّس على المؤسسات من خلال ما يعرف بـ"الهاكرز"، التي تستهدف في مجملها تدمير اقتصادات الدول وبنيتها التحتية المعلوماتية. وعلى هذا فإن تطوير أنظمة الأمن الإلكتروني بشكل مستمر لتأخذ في اعتبارها هذه التطوّرات أصبح يشكّل ضرورة اقتصادية ومجتمعية في آن معاً. من هذا المنطلق فإن مذكرة التعاون التي وقّعتها "جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، مؤخراً، مع "المجموعة الأوروبية للدفاع والطيران" و"أميراج سيستمز" في مجال عمليات الأمن الإلكتروني تكتسب أهميّة كبيرة، لأنها تستهدف تطوير القدرات المحلية في بعض مجالات التكنولوجيا المتعلّقة بعمليات الأمن الإلكتروني في الدولة بشكل عام من خلال أنشطة عدّة تشمل إنشاء مركز تميّز يتمتّع بمواصفات عالمية في عمليات الأمن الإلكتروني، مع تركيز خاص على حماية البنية التحتية القومية والبنية التحتية المعلوماتية. تطوير أنظمة الأمن الإلكتروني في مؤسسات الدولة المختلفة ليرقى إلى المعايير العالمية خطوة لا شكّ في أنها مهمّة، خاصة إذا ما تمّ الأخذ في الاعتبار تنامي التهديدات الإلكترونية في الآونة الأخيرة، التي أصبحت تأخذ أشكالاً جديدة كمحاولة سرقة الرمز البنكي أو الرقم السرّي لحسابات العملاء أو تزوير الشيكات عبر الكمبيوتر، وغيرها، بل إن التقرير الأخير الذي صدر عن "مايكروسوفت الخليج" حول الأمن الإلكتروني في الإمارات، الشهر الماضي، كشف عن التطوّر المتواصل الذي يحقّقه مقترفو الجرائم الإلكترونية، حيث باتوا يحشدون التهديدات عبر "الإنترنت" من أجل تطوير أدوات الاختراق وتحديثها وخداع المستخدمين لتطبيقها. الأمر الآخر الذي يضاعف من أهميّة تطوير الأمن الإلكتروني هو أنه يتماشى مع توجّه الدولة نحو تعميم التعاملات الإلكترونية في مختلف الوزارات والمؤسسات من منطلق مواكبة ما يحدث في العالم المتقدّم، من خلال مشروع "البوابة الإلكترونية" الذي يمثّل منصّة متكاملة، تتيح للعملاء إجراء معاملاتهم مع الحكومة عبر شبكة "الإنترنت" من دون حاجة إلى زيارة دواوين الوزارات للاستفسار أو لإنجاز المعاملات. بهذا المعنى فإن تطوير أنظمة الأمن الإلكتروني هو الوجه الآخر لنجاح هذا المشروع والانطلاق به إلى مرحلة أكثر تطوّراً، كما أنه أصبح مدخلاً مهماً في تعميق الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وبناء اقتصاد معرفي قوي وتحسين الثقافة الرقمية، وهو ما يصبّ في نهاية المطاف في سبيل المزيد من تعميق الطفرة التنموية التي تعيشها الدولة خلال المرحلة الحالية في المجالات المختلفة. لقد حققت دولة الإمارات تقدّماً كبيراً في تطوير أنظمة الأمن الإلكتروني خلال الأعوام القليلة الماضية، بفضل الإجراءات المهمّة التي اتخذتها؛ فقد تبنّت أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، وفي الوقت نفسه اعتمدت أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة، كما عملت على تحسين قدرة أفراد المجتمع على استخدام الخدمات الإلكترونية عبر برنامج "المواطن الرقمي"، الذي يهدف إلى محو الأمية المعلوماتية لكل فئات المجتمع. وعلاوة على ذلك فقد أصدرت أول قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات في دول الخليج بهدف حماية أنظمة المعلومات والوثائق التي تنشرها الدوائر والمؤسسات الحكومية على شبكة "الإنترنت". عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية