إنهن بنات الجنس اللطيف... لكنهن يزاولن عملا هو الأشد خشونة من بين كل الأعمال التي يمكن للرجال ممارستها في أيامنا الحالية على الأقل! فمهمتهن أساساً هي تحميل الحجارة في أوعية ونقلها فوق رؤوسهن، ومن ثم القيام بتكسيرها وتسوية الموقع، مستخدمات كل ما أوتين وما لم يؤتَين من قوة عضلية للتعامل مع مطلوبات المهمة! وفيما يخص المرأة التي تتقدمهن، وقد تنقبت حياءً أو توقياً لحر الشمس، فهي سيدة في التاسعة والعشرين، أرملة وأم لأربعة أطفال، وحامل (في شهرها الخامس) تنتظر الطفل الخامس أيضاً. العمل في مشاريع إنشاء وشق الطرق في هذه المنطقة الصخرية القاحلة المجاورة للحدود مع الهند، هو الوسيلة الوحيدة تقريباً أمام آلاف النساء الفقيرات هنا من أجل إطعام أطفالهن، ولتوفير الحد الأدنى من لوازم الحياة لأسرهن. وفيما تتركز دائماً شكاوى المنظمات الغربية على الوضع "الدوني" للمرأة الباكستانية وصورتها في الثقافة السائدة، فإنه قلما أولت هذه المنظمات اهتماماً لظروف الفقر التي تضطر النساء لممارسة أعمال خشنة وقاسية تمثل "اعتداءً" على أنوثة المرأة وانتمائها للجنس الناعم! إنه الفقر الذي يشوه الروح والجسد، وقد قال عنه مفكر إصلاحي ذات مرة: لو كان رجلا لقتلته... لكن ماذا حين يصبح الفقر امرأة تتشقق يداها من مقاسات الحجر وظلم البشر؟!