إنه فعلا لأمر محير ويستحق مقالا كذلك الذي كتبه الدكتور بهجت قرني هنا يوم الأربعاء الماضي حين لفت نظره أن باريس تبدو غير مكترثة كثيراً بكأس العالم لكرة القدم المنظم حالياً في جنوب إفريقيا. وحين قرأت المقال عرفت السبب فبطل في نفسي العجب، إذ يتعلق الأمر بمناسبة عزيزة على قلوب الفرنسيين، ألا وهي ذكرى الخطاب الذي وجهه ديجول إلى الفرنسيين مطالباً إياهم بإطلاق المقاومة ورفض التعامل مع حكومة فيشي العميلة التي نصبها الاحتلال الألماني. وكما يذكر الكاتب فإن مقاهي باريس ومنتدياتها كانت مشغولة بالذكرى الستين لذلك الخطاب، إذ يبدو أن فرنسا الحالية، وهي الحليف الأوروبي الأكثر أهمية لواشنطن، باتت تستعيد شيئاً من روح ديجول في النزوع إلى بناء سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة وترتكز على المبادئ والمصالح معاً. إنها الروح التي افتقدتها فرنسا خلال التحالف مع إدارة بوش السابقة، وعلى إثر تحول ساركوزي عن الخط الديجولي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية كما بناه شيراك ومنحه طابعاً وطنياً واضحاً لا لبس فيه! سالم عمر -المغرب