رغم حقيقة أن عدد السكان العرب يتجاوز 350 مليون نسمة موزعين على 22 دولة عربية، فإنهم فشلوا في الوصول إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم، الذي بدأت فعالياته يوم 2010/6/11، ما عدا الفريق الجزائري الذي خسر في أول مواجهة له ضد فريق سلوفينيا. والتساؤل هنا: لماذا لم يحقق العرب أي إنجاز رياضي على المستوى العالمي في كرة القدم، مع أن هذه اللعبة الشعبية لها إقبال جماهيري كبير يطغى على كل الألعاب الرياضية الأخرى بما فيها الألعاب الفردية؟ هنالك أسباب كثيرة لفشلنا في تحقيق إنجازات رياضية، أهمها تخلفنا الحضاري وعدم اتباعنا الأساليب العلمية في التدريب وفي اختيار الأفضل لهذه اللعبة من منظور علمي دقيق... ففي معظم دول العالم يتم اختيار اللاعبين المتميزين في أي لعبة من المدارس الحكومية والخاصة ومن الأندية الرياضية. لكن الأندية الرياضية العربية قليلة ومحصورة في المدن الكبيرة. أما الفرق الرياضية المدرسية فغير متوفرة غالباً. لقد جرت العادة في الوطن العربي أن يكون التدريب والمباريات على المستوى المحلي بين الأندية المحلية. وبسبب قلة احتكاكنا بالدول غير العربية، في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، خارج المباريات القارية... لم نكتسب خبرة دولية في مجال الكرة. ومن متابعتي اليومية لمونديال جنوب إفريقيا وجدت أن أغلبية اللاعبين يتمتعون بلياقة بدنية عالية ولديهم حركات فنية وتناسق جماعي، بفضل التدريبات القوية والمشاركات الدولية الطويلة. التنوع العرقي الذي ميز معظم الفرق الأوروبية أعطاها قوة إضافية لتحقيق الإنجازات الرياضية... ففرنسا حصلت على كأس بطولة العالم عندما تشكل فريقها القوي من فرنسيين مهاجرين تحت قيادة زين الدين زيدان. واللاعب السويسري الذي سجل الهدف الوحيد ضد إسبانيا مهاجر من أصول إفريقية... لذلك لا غرابة في خسارة العرب لأنهم لا يطعمون فرقهم القومية بأفضل اللاعبين بعد تجنيسهم. الوطن العربي لا يمتلك أندية أو مؤسسات رياضية ضخمة مثل الأندية الرياضية المنتشرة في الغرب، وهي أندية تمتلك منشآت اقتصادية كبيرة تتيح لها شراء أفضل اللاعبين مما يساعد على رفع مستوى الرياضة في بلدانها. وحتى يحقق العرب إنجازات رياضية في كرة القدم أو غيرها، عليهم المشاركة في البطولات الشبابية المختلفة التي تتيح تهيئة شبابهم للمستقبل. لكن اللجان الأولمبية العربية تعاني من ضعف الإمكانيات المالية للمشاركة في أولمبياد الشباب حتى يتسنى للفرق العربية معرفة مستوى شبابها. لا نعرف حتى اليوم أياً من القارات ستتفوق في البطولة، لكن تاريخياً انحصرت نتائج الفوز بين أوروبا وأميركا اللاتينية. أوروبا حققت تسع بطولات، حصلت إيطاليا على أربع منها، وألمانيا على ثلاث، وبطولة واحدة لإنجلترا، وواحدة أيضاً لفرنسا. أما أميركا اللاتينية ففازت منها البرازيل بخمس بطولات، والأوروجواي ببطولتين، والأرجنتين باثنتين أيضاً. فهل تحقق قارتا آسيا وإفريقيا البطولة هذا العام؟ وهل من إمكانية لفوز العرب بالكأس مستقبلاً؟ نتائج الأسبوع الأول من المباريات أقصت بعض الفرق الآسيوية والإفريقية، وليست هنالك آمال لوصولهم إلى النهائي. وبالطبع فلا أمل للعرب في تحقيق بطولات رياضية في هذه اللعبة ما دامت السياسة تتدخل في الرياضة. لدينا حركات سياسية إسلامية في الصومال تمنع مشاهدة مباريات كأس العالم لأنها لا تريد لشعبها أن ينشغل بـ"أناس شبه عراة ورجال مجانين يقفزون صعوداً وهبوطاً لمطاردة شيء منتفخ يلهيهم عن وقت الصلاة"! فإذا كان هذا هو تفكير بعضنا، فكيف يمكن لنا التقدم كروياً؟