استحوذت مظاهر وإيقاع كأس العالم على كافة مفردات الحياة هنا في جنوب إفريقيا، وتحولت أبواق "الفوفوزيلا" المزعجة، التي تصدر ضجيجاً يشبه صوت الفيل، إلى كابوس لا يطاق يؤرق جميع اللاعبين والمشجعين القادمين من أركان الدنيا الأربعة، في حين يستمر المشجعون المحليون في استخدامه ليس فقط في الملاعب وإنما أيضاً في الشوارع والشواطئ وفي كافة حركات وسكنات حياتهم اليومية، قائلين -مع الفيفا- إن هذه الأبواق جزء لا يتجزأ من ثقافتهم الإفريقية المحلية، وإن من الإساءة اعتبارها تلوثاً صوتيّاً، أو مظهراً من مظاهر الصخب والضجيج والعنف الصوتي. وهنا على الشاطئ في ديربان اختار هذا المشجع أن يعيش كأس عالم أخرى خاصة به، فقد امتطى سيارة فخمة مشكلة من رمال الشاطئ المبللة، وبدأ النفخ، بكل همّة وعزم، في بوق "الفوفوزيلا"، وقريباً منه تشمخ تشكيلات أخرى من الرمل يسبح علم جنوب إفريقيا فوقها في السماء. إنها، إذن، قصة عرس جماعي، تزدحم فيه الثقافة والسياسة والرياضة، ليختصر الحلم الجنوب إفريقي من وراء المونديال، الذي يتأطر ضمن ماراثون صعود دولي متوازٍ لتلك الدولة الإفريقية الكبيرة البازغة.