احتلت السياسة المالية لإمارة أبوظبي المرتبة الأولى كأكثر السياسات المالية العالمية تنافسية على مستوى العالم، بخاصة في ما يتعلق بمستوى مرونة هذه السياسية ومحافظتها على نهجها التوسعي في مواجهة التحدّيات الناتجة عن اتساع تداعيات "الأزمة المالية العالمية" حول العالم، وذلك وفقاً لـ"التقرير السنوي للتنافسية العالمية" لعام 2009، الذي يصدر عن "المعهد الدولي للتنمية الإدارية" في جنيف بشكل سنوي، والذي يقوم على تصنيف الأداء التنافسي للبلدان من خلال محاور عدة رئيسية تتضمن الأداء الاقتصادي بوجه عام وكفاءة الأداء الحكومي وكفاءة بيئة الأعمال بالإضافة إلى جودة البنية التحتية. واستمراراً لهذا التفوق العالمي للسياسة المالية لأبوظبي فقد أعلن "البنك الدولي" مؤخراً أن اتباع حكومة أبوظبي سياسة مالية توسعية (إنفاق حكومي ضخم) طوال السنوات الماضية، بخاصة في ظل "الأزمة المالية العالمية" قد أسهم بشكل فعّال في تسريع وتيرة تعافي اقتصاد الإمارة من تداعيات الأزمة المالية، ومن ثم ضمان مستوى جيد من الاستقرار المالي لاقتصاد دولة الإمارات كلها في مواجهة الأزمات التي تعرضت لها المؤسسات المحلية، وهو ما ساعد على زيادة الثقة العالمية أيضاً في اقتصاد الدولة كلها. وبالطبع ينعكس هذا الأداء التنافسي للسياسة المالية لإمارة أبوظبي، ومن ثم تصاعد الثقة العالمية في قدراتها المالية والاقتصادية بوجه عام على تحسّن القدرات التنافسية لمناخها الاستثماري على المستوى العالمي، وزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى الإمارة سواءً كانت رؤوس أموال ذات أصول أجنبية أو ذات أصول عربية، منجذبة عبر السياسات والأطر التشريعية والتنظيمية البسيطة وغير المعقدة المختصة بالمناخ الاستثماري أيضاً، بداية من مراحل إنشاء المشروعات مروراً بمراحل التشغيل انتهاءً بإجراءات تحويل الأرباح إلى الخارج. ولا تقتصر مظاهر نجاح أبوظبي في تعاملها مع قضايا التنافسية والاستثمار الأجنبي على المستوى الخارجي، بل تمكّنت الإمارة بفضل سياساتها المتوازنة في هذا الشأن من تحقيق نوع من التوازن قل أن يتوافر في العديد من البلدان المستقبلة للاستثمار الأجنبي بخاصة بين الدول النامية، حيث تعتمد الإمارة سياسات استثمارية في إطار خطط تنموية عامة توازن بين مصلحة تلك الاستثمارات والمصلحة العامة لاقتصاد الإمارة كلها، فقد استطاعت الإمارة خلال الفترة القصيرة الماضية الدخول في شراكات ومشروعات استثمارية مع دول ومؤسسات عالمية تسمح لها ليس بالاستفادة من العوائد الاقتصادية لهذه المشروعات فقط، بل بنقل التكنولوجيا وتوطينها داخل الإمارة أيضاً، وهو ما يسمح لها بالطبع بتعميم الاستفادة من تلك التكنولوجيات في مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارة في المستقبل. ويمكن القول إن أبوظبي تنفق بسخاء لبناء قواعد متينة لاقتصادها تحصّنه في مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية بوجه عام، في الوقت الذي تجني فيه فوائد أخرى لسياساتها المالية الناجحة، من قبيل تحسين صورة اقتصاد الإمارة في الخارج وزيادة تنافسية اقتصادها على المستوى الدولي، كأحد الاقتصادات القليلة على مستوى العالم التي تمتلك محركات ذاتية تؤهلها للخروج من الأزمات دون انتظار تعافي الاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه تمزج الإمارة السياسة المالية الناجحة في سياسة استثمارية تواظب على تطوير مناخها الاستثماري جاذباً الاستثمارات الأجنبية، وتتعامل مع هذه الاستثمارات ليس كمورد اقتصادي يجب اجتذابه فقط، بل كعنصر من عناصر الإنتاج التي يجب توظيفها بشكل متوازن، ليسهم في تحقيق الأهداف التنموية للإمارة كلها.