فيما أُعلن عن توجه تسع سفن تركية لمساعدة أهل غزة المختنقين في صيف 2010 وحريقه، متزامنةً مع حريق اليونان الاقتصادي وزلزلة اليورو، قيل إن الجدار الفولاذي بين مصر وغزة مصنوع من عجينة خاصة ولن يستطيع الغزيون اختراقه! أما ابن السلاطين العثمانيين، التركي طيب أردوغان، فهو من أمة لا تعرف الهزيمة في تاريخها، ولا يعبأ بتهديدات بني صهيون، خاصة بعد أن أعلنوا أنهم سجنوا أهل غزة بقفص من حديد لا يستطيعون له نقباً. والقرآن يقص علينا أن سد يأجوج ومأجوج سيكون ذات يوم دكا، ولو ماجوا في بعضهم بعضا، "حتى إذا جاء وعد ربي جعله دكا وكان وعد ربي حقا". وقصص الأسوار والسدود ضاربة في عمق التاريخ، فسور الصين العظيم وجدران شارون الغارق في سكرات الموت البطيء، هما من العينة نفسها، بفارق أن الصينيين أرادوا حماية أنفسهم من البرابرة المغول، وبني صهيون يعزلون أنفسهم في قواقع صهيونية في بطن العالم العربي. وجواب التاريخ دوما جاهز، فقد تحول أهل غزة مع الحصار الذي يذكر بحصار قريش للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، إلى ملحمة في إتقان فن حفر الأنفاق، بحيث يصبحون معلمي البشرية حول كيفية كسر أفظع حصار. فهناك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفق، تعجز عن حفرها أرانب أستراليا وثعالب الجولان، تخرج وتدخل من أماكن لا يعلمها إلا الله والراسخون في فن الأنفاق. وفي الواقع، لم أكن أعرف حقيقة هذه الأنفاق حتى اطلعت عليها من مصادر ألمانية، ومعها صورة أعشاش المستوطنات من بني صهيون، فقد حولوا فلسطين إلى كانتونات لا يمكن لها أن تترك المجال لقيام دولة فلسطينية، كما اطلعت على خريطة الأنفاق في نهاية خنجر بني إسرائيل، أعني "دولة غزة" الوليدة التي أصبحت مكمن الخطر في تدمير المشروع الصهيوني برمته. لذا احتاج الصهاينة إلى أطراف أخرى كثيرة تعينهم على خنق الوليد الجديد، مثل "الرباعية الدولية" التي كرست وفاة الشرعية، وأصدرت شهادة الوفاة ممهورة بختم الأمم المتحدة وعليها توقيع بوش ورايس ورامسفيلد... الذين مضوا إلى حكم التاريخ. وحالياً، يحاول أوباما أن يعيد الكرة بثوب جديد، ويدور التاريخ وتنتصر إرادة الشعوب... وكان ذلك في الكتاب مسطورا. وكما أكلت دودة الأرض ورقة حصار النبي وأصحابه في شعب بني طالب بمكة، كذلك سيحصل لأهل غزة، فيفرج الله عنهم لأمة تعلمت صناعة الموت فوهبت لها الحياة. وسيحدث ذلك، كما حدث مع كل الأسوار المصطنعة، لقد تحول سور الصين إلى بئر معطلة وقصر مشيد وأبراج مرتفعة وحجارة كالجبال داكنة لأعشاش الطيور. أما سور "هادريان" في بريطانيا، فيجب تفقده جيداً؛ لأنه لم يبق منه إلا تبة وتلة، ويجب البحث طويلاً عنه حتى تعرف أين كان، وماذا أصبح مصيره؟ أما سور ذي القرنين، فقد حبس يأجوج ومأجوج خلفه إلى حين حتى إذا جاء وعد ربي جعله دكا، ويتدفق يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا لقد كنا في غفلة عن هذا بل كنا ظالمين. وكذلك بقية السدود والجدران ستكون على موعد مع حساب عسير للتاريخ.