يتوقع أن ينفق العالم نحو 35 تريليون دولار على المشروعات الكبرى، بخاصة البنية التحتية خلال العشرين عاماً المقبلة، بما يمثّل نحو 57.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتعكس هذه المؤشرات مدى الاهتمام العالمي بالمشروعات الكبرى، التي تعدّ إحدى الآليات الفعّالة في الحدّ من تداعيات "الأزمة المالية العالمية" سواء على مستوى اقتصادات الدول منفردة، أو على مستوى الاقتصاد العالمي كله. فعادة ما تكون المشروعات الكبرى عند تنفيذها محرّكاً للصناعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى المرتبطة بها، نظراً إلى تعدّد المدخلات التي تلزم لتنفيذ هذا النوع من المشروعات الضخمة والمتنوّعة، ويُضاف إلى هذه الميزة أيضاً أن المشروعات الكبرى تعدّ مولّداً لفرص العمل بشكل كثيف، بما يجعلها وسيلة من أهم الوسائل التي يمكن استخدامها للتغلّب على مشكلة ارتفاع معدلات البطالة حول العالم في ظل الأزمة المالية. وتعدّ دولة الإمارات واحدة من بين الدول التي تولي اهتماماً كبيراً بالمشروعات الكبرى، وهو ما تظهره مؤشرات الإنفاق الإماراتي على تلك المشروعات طوال السنوات الماضية، فقد أنفقت الدولة نحو 9.3 مليار دولار على مشروعات البنية التحتية فقط خلال عام 2008، وارتفع إنفاقها إلى نحو 11.5 مليار دولار خلال عام 2009، ويساوي هذا الإنفاق أكثر من ضعفي ما ستنفقه أستراليا على البنية التحتية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ويساوي تقريباً ما ستنفقه كندا وسنغافورة مجتمعتين خلال الفترة نفسها. ويقدّر حجم الإنفاق الإماراتي على مشروعات البنية التحتية على مدار العقد المقبل بنحو 245 مليار دولار، وفقاً لبيانات "بنك الإمارات الصناعي"، بما يتساوى مع ما ستنفقه دول "الاتحاد الأوروبي" في المجال نفسه خلال السنوات الخمس المقبلة، وما يزيد على إجمالي ما ستنفقه كل من الولايات المتحدة وألمانيا وسنغافورة وكندا وأستراليا مجتمعة خلال الفترة نفسها. وبالطبع يضمن تفوّق دولة الإمارات في مجال مشروعات البنية التحتية والمشروعات الكبرى على المستوى العالمي تفوّقها على المستوى الإقليمي، وفي هذا السياق وضعتها مجلة "ميد"، في عددها الأخير، على رأس الدول الخليجية العربية كأكبر سوق للمشروعات الكبرى بين هذه الدول في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن تنفق الدولة نحو 44 في المئة من إجمالي ما ستنفقه دول منطقة الخليج العربية مجتمعة على مشروعات البنية التحتية خلال العقد المقبل. إن الاهتمام الذي تبديه دولة الإمارات للاستثمار في البنية التحتية يفوق اهتمام العديد من الدول المتقدّمة، ويفوق اهتمام جميع دول الخليج العربية، وسينعكس هذا بالطبع على جودة البنية التحتية ومتانتها في الدولة، ما يحافظ على ديناميكية الاقتصاد الإماراتي، وسيكون هذا الإنفاق أيضاً عاملاً مهماً في دفع عجلة النمو وتحفيز اقتصاد الدولة على التخلّص من تداعيات "الأزمة المالية العالمية"، لما سيوجده من طلب إضافي على منتجات صناعات مواد البناء والتشييد ومدخلات صناعات الطرق والجسور والمرافق العامة، وكذلك الرّواج والازدهار التجاري لمختلف السلع والخدمات والمرافق، ويضاف إلى ذلك أيضاً آلاف فرص العمل التي ستوجدها المشروعات الكبرى الجديدة، وكذلك الدخول الإضافية التي سيحصل عليها العاملون في هذه المشروعات، وهو ما سيكون له عظيم الأثر في مستوى معيشة سكان الدولة، الذي يمثّل الغاية النهائية للمشروعات والخطط التنموية فيها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية