ليس أمامه خيار آخر سوى الانغماس في العمل باجتهاد وسط هذا العالم شديد التلوث بيئياً بفعل فوضى أكوام بطاريات السيارات بما يتقاطر منها من "آسيد" وأشكال زيوت صناعية مستنفدة وضارة بالبيئة. ومع أنه يعرف ذلك جيداً ويعي مخاطره الصحية إلا أن هذا هو الخيار الوحيد المتاح الآن، لأنه لا يمتلك ترف الجلوس في البيت، نظراً لمعدلات البطالة المرتفعة هنا في كوسوفو، وخاصة أن كثيرين غيره سيتسابقون للانخراط في هذا العمل في حال انسحابه هو منه. نحن في مصنع لإعادة تدوير المواد البلاستيكية، مقام، كيفما اتفق، مقابل محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في مدينة "أوبيليش". ومعدلات تلوث الهواء هنا في كوسوفو تتجاوز كافة المعايير المسموح بها دوليّاً، والمحددة بموجب قوانين منع التلوث العالمية. ففي الوقت الذي يسمح فيه للتلوث في الدول المتقدمة بأن يتجاوز حدوده 18 مرة خلال العام، على ما في هذا من تساهل، تصل كوسوفو إلى هذا الحد خلال 3 أشهر فقط، ولذا يحذر خبراء معهد الصحة العامة هناك من آثار هذه الحدود الخطيرة من التلوث على الأعمار المتوقعة للسكان. ولذا يمكن القول إن عاملنا المجتهد هذا يشتري الآن يومه الحاضر الكئيب بطي عدة يوميات من غده، فلكي يتمكن من الحصول على قوت اليوم يتخلى عن عدة أيام من عمره المتوقع.