هذا المقال رد فعل مباشر للاجتماع الذي عقدته لجنة الكنيست يوم الاثنين الماضي وقررت فيه، بأغلبية سبعة أصوات مقابل صوت واحد، رفع توصية إلى الهيئة العامة لمجلس بحرمان عضوة الكنيست العربية من ثلاثة امتيازات يمنحها القانون للعضو، أهمها جواز السفر الدبلوماسي. إن هذه الفتاة العربية التي شاركت بفاعلية في قافلة الإغاثة لكسر الحصار عن غزة (قافلة الحرية) يجب أن تحظى من الكتاب العرب بكل اهتمام، فهي تمثل رمزاً جديداً لتلك الشريحة من عرب فلسطين الصامدين على أرضهم منذ عام 1948 رغم كل الضغوط العنصرية وفجور الاحتلال. إن اهتمامنا بإنهاء الحصار على غزة كان السبب في تسليط الضوء على النضال الذي يمارسه عرب 1948 لتأكيد هويتهم العربية ونيل حقوقهم المدنية في إطار دولة إسرائيل التي فرضت عليهم منذ أكثر من ستين عاماً، وهو ما يوجب علينا العناية بعرب الخط الأخضر قدر عنايتنا بعرب الضفة والقطاع واللاجئين في دول عديدة. هل رأى أحدكم شموخ حنين، وهي تتعرض أثناء إلقاء شهادتها عن سلوك القوات الإسرائيلية ضد السفن، من على منصة الكنيست، لهجوم أعضاء صهاينة؟ هل رأى أحدكم ثباتها بينما يهاجمها عضو الكنيست "يوحنا بلسفور" من يمينها، وتهاجمها العضو "ميري راجان" من يسارها؟ لقد اجتمع عليها الصهاينة محاولين إسقاطها بدفعها بينما أصوات أخرى في قاعة الكنيست تطالب بنفيها إلى غزة أو إيداعها السجن. وهل رأى أحدكم مؤتمرها الصحفي في أعقاب الإفراج عنها بعد وصول القافلة إلى أسدود وهي تعلن وسط زملائها من "حزب التجمع الوطني الديمقراطي"، كذب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وقيادتها؟ هل انتبه أحدكم إلى أنها كانت الشاهدة الأولى على جريمة قتل ركاب السفينة مرمرة عمداً؟ هل التفت أحدكم إلى أسباب تفجر براكين الغضب الصهيوني ضدها، في الشارع وفي الكنيست وفي المؤسسة العسكرية وفي الإعلام على حد سواء؟ السبب أن وزير الدفاع باراك عقد مؤتمراً صحفياً يوم اقتياد السفن ليبرر الجريمة وكان في صحبته رئيس الأركان الجنرال اشكنازي وقائد البحرية أليعزر ماروم، حيث أعلنوا جميعاً أن مسؤولية إطلاق النار وقتل الركاب تقع على الضحية، أي الركاب أنفسهم! لقد جاءت شهادة حنين الزعبي لتنسف الأكاذيب عندما أكدت أن النيران أطلقت من الجو وقبل نزول أي جندي إلى السفينة. إن العدوان البدني والتوصية بالحرمان من حقوق العضوية، ليست سوى مقدمة لحملة تنكيل لا تهدف فحسب إلى معاقبة حنين شخصياً، بل إلى إعطاء العبرة لكل من يفكر من عرب 1948 في الإسهام في النضال السلمي ضد العنصرية والاحتلال. لقد تقدم بالتوصية للجنة العضو "ميخائيل بن أري"، بهدف "إبعاد أعداء إسرائيل عن الكنيست". وقال مساعد المستشار القضائي للحكومة إن مشاركة حنين في القافلة لم تكن لائقة وإنه سيتخذ قراراً بتجريدها من حصانتها وتقديمها للمحاكمة بعد انتهاء الشرطة من التحقيق معها. ويتوج هذه الحملة أمران؛ الأول الدعوة إلى تجريد حنين من الجنسية ونفيها إلى الخارج، من مسقط رأسها وأرض أجدادها. والثاني ظهور إعلانات على الفيس بوك من بعض الأثرياء اليهود تعلن عن مكافأة لكل من يقتل حنين. إن هذه الحملة العنصرية لاغتيال حنين، يجب مقابلتها من جانبنا بحملة مضادة لتثبيت حقوق الإنسان العربي في أرضه والانتصار لحنين، الفتاة العربية الجرئية والشجاعة... وعلينا جميعاً اقتراح الوسائل لذلك.