آليات ومعدات ضخمة، وأكياس قليلة، وجنود حراسة يقظون... ذلك هو ما استطاعت الكاميرا الصينية التقاطه من الضفة الأخرى لنهر "يالو" الذي يشكل حدوداً طبيعية فاصلة بين الصين وكوريا الشمالية. ولا شيء في الصورة يوضح يقيناً ما إذا كانت هذه المعدات الثقيلة مستوردة من تحت أنفاق الحصار، أم أنها إنتاج وطني لبلد دخل مجال الصناعات الصاروخية وتقنيات الطاقة النووية. أما الأكياس، وأغلب الظن أنها تحوي مواد غذائية، فتوضح الكلمات المدونة عليها أنها مستوردة... لكن إذا كانت غذائية بالفعل فماذا يغني هذا الكم الضئيل بالنسبة لاحتياجات بلد كامل؟ وهل يستدعي الأمر وجود آليات بهذا الحجم، وحراسة بهذه اليقظة؟ لتوضيح المعنى في هذا السياق، ينبغي أن نذكر هنا أن المكان في الصورة هو أحد موانئ كوريا الشمالية على نهر "يالو"، ما يجعله منفذاً مهماً على الصين التي باتت المتنفس الوحيد لكوريا الشمالية ومصدرها لتأمين أغلب احتياجاتها الأساسية. لكن مع ذلك يبدو عدم التجانس بين الوسائل والغايات نتاجاً لتفكير وممارسة تبلورا في ظل الحصار الشامل؛ الحصار الخارجي والداخلي، أي السياسات التي تقيد كل سلوك شخصي أصيل، وتؤجل أهم احتياجات الإنسان؛ فيبدو أمن السلطة مقدماً على الغذاء والحرية، وهيمنة الخارج أولى من سائر حقوق الإنسان! إنها أولويات "حقيقية"، لكنها تنفي الإنسان والوطن، إذ تنحي أولوياتهما الحقيقية جانباً!