أثار الدكتور حسن حنفي في مقاله الأخير حول "الخطاب الوظيفي"، إشكالية أخلاقية عويصة تتصل بالفجوة بين القول والعمل، بين المبدأ والممارسة. وبالفعل، كما قال الكاتب، فإن الخطاب، وهو وظيفة كلامية بالأساس، تحول في جوانب كثيرة من حياتنا العربية العامة، إلى ممارسة حِرفية خاضعة لمقتضيات الدور الوظيفي، وليست فعالية منطقية وأخلاقية تستمد مقوماتها من قواعد العقل والنسق القيمي للمجتمع... وهذا ما يضيف فجوة أخرى يمكن أن تصل بالحالة العامة إلى نوع من الإصابة بمرض "الفصام الشخصي". وأعتقد أن هذه الظاهرة لها مخاطرها الكبيرة، ليس فقط بسبب فقدان المعيارية في الأقوال والأفعال، على الصعيدين الشخصي والمجتمعي، ولكن أيضاً بالنظر إلى الأعطاب التي تصيب اللغة ذاتها جراء انعدام المرجعية، وذلك حين تتحول الممارسة اللغوية إلى كلام لا يعني مقاصده، إلى تراكيب عبثية، مبتذلة، وفاقدة للمعنى، كما يفقد الرجل ظله! محمد جمال- القاهرة