في إطار سعيها إلى حثّ القطاع الخاص على الالتزام بمسؤولياته في توطين الوظائف، أعلنت "هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية" (تنمية)، مؤخراً، استهداف نحو 900 منشأة في القطاع الخاص لوضعها في صورة متطلّبات عملية التوطين، ومساعدتها على استيفاء الحصص الوظيفيّة المطلوبة، وذلك وفق خطة زمنيّة تقضي بعقد 60 ملتقى وورشة عمل على مدار العام الجاري. إذا كانت الدولة تولي أهمية متقدّمة لدعم القطاع الخاص، وتقدم إليه أنواع التسهيلات كلّها، وتمنحه دوراً أكبر في مختلف الأنشطة الاقتصاديّة، فإن هناك مسؤولية على هذا القطاع للإسهام في تنفيذ سياسة التوطين، ليس لأنه أصبح شريكاً رئيسياً في عملية التنمية، وعليه دور مهم في تنفيذ توجّهات الدولة وسياساتها المختلفة، وفي مقدمتها سياسة التوطين فقط، بل كذلك لأن القطاع العام الذي كان بمنزلة الملاذ الرئيسيّ لتوظيف المواطنين في الدولة طوال السنوات الماضية لم يعد كذلك. الملاحظ أنه برغم الجهود العديدة التي تبذلها الدّولة لجعل القطاع الخاص شريكاً مهمّاً في تنفيذ سياسة التوطين، فإن الدور الذي يقوم به في هذا الخصوص ما زال دون المأمول، ولا يتماشى على الإطلاق مع سياسات الدولة في هذا الشأن، إذ تشير الإحصاءات الحديثة الصادرة عن هيئة "تنمية" إلى عجز قطاع المصارف عن استيفاء الحصص الوظيفيّة المفروضة عليه، حيث تبلغ النسبة المحقّقة نحو 33 في المئة، فيما يفترض أن تبلغ 40 في المئة. وتبلغ النسبة في قطاع التجارة أكثر من 1في المئة، بينما يفترض أن تزيد على 6 في المئة. في وقت تبلغ فيه نسبة التوطين في قطاع التأمين أكثر من 4 في المئة، ويفترض أن تبلغ 35 في المئة. هذه الإحصاءات تكشف عن وجود فجوة كبيرة بين الدور المفترض أن يقوم به القطاع الخاص في تنفيذ سياسة التوطين وحلّ مشكلة البطالة، والواقع الفعليّ الذي يشير إلى تراجع التوطين في قطاعات عديدة، هذه الفجوة تقف وراءها أسباب عدّة، بعضها يتعلق بالطريقة التي يتعاطى بها القطاع الخاص في توظيف المواطنين، إذ كثيراً ما تبالغ مؤسسات القطاع الخاص في شروط التوظيف، وتطالب بمؤهلات وخبرات خاصة. وبعضها الآخر يرتبط بتحايل كثير من مؤسسات القطاع الخاص على النسب المقرّرة للتوطين من قبل مجلس الوزراء من خلال تغيير نشاطيها الاقتصادي والتجاري. وبعضها الثالث يرتبط برؤية كثير من المواطنين العمل في القطاع الخاص، باعتباره لا يلبّي طموحاتهم، سواء في الترقّي الوظيفي، أو الجانب المادي مقارنة بالعمل في المؤسسات الحكومية. إن تعزيز الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في سياسة التوطين يتطلّب العمل أولاً على تصحيح الأوضاع الخطأ، وسدّ الثغرات كافة التي تتهرب منها المؤسسات الخاصة من التزام حصتها في توطين الوظائف. وثانياً معالجة المشكلات التي تنفّر المواطنين من الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص، والعمل على تحقيق الأمان الوظيفي لهم، وهذا لن يتحقّق إلا من خلال برامج لتدريبهم وتأهيلهم، وإتاحة المجال أمامهم للترقّي. وثالثاً تعميم سياسة التوطين على قطاعات القطاع الخاص كافة، بدلاً من النظام المعمول به حالياً، الذي يقضي بتحديد نسب التوطين الملزمة في ثلاثة قطاعات فقط هي المصارف والتأمين والتجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية