في مواجهة ضغوط الوضع المعيشي الصعب، المتأثر بالوضع الاقتصادي المرير، داخليّاً وخارجيّاً، تواجه الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة في باكستان تكاليف الحياة وأعباءها بمخزون لا نهائي من الصبر على القليل، والتمسك بتقاليد المهن البسيطة الموروثة عن الأجداد، للحصول على ما يكفي بالكاد لسد رمقهم ورمق أفراد أسرهم، من خلال الانخراط في مهن الاقتصاد غير المصنف المهمَلة، كهذا العامل الذي يمضي سحابة يومه في صناعة لبن الطوب هنا في ضواحي العاصمة إسلام آباد، على أمل ظهور مشترين محتملين، وخاصة أن هذا النوع من الطوب يلاقي عادة إقبالاً واسعاً من قبل سكان الضواحي والقرى القريبة. يذكر أن ضغوط الكساد لا تستثني أيضاً هذه القطاعات الإنتاجية غير المصنفة، أو حتى الموازية، وذلك لتأثرها وحساسيتها الشديدة لأي ارتفاع لأسعار المحروقات والماء وقطع غيار آلاتها البسيطة. ولكن بغض النظر عن كل تلك الهواجس يمضي عاملنا في عمله باجتهاد وصبر، حريصاً أن تكون علامة مصنع الطوب مسجلة بوضوح على كل لبنة تخرج من هنا. وحتى إن لم يكن العائد المادي مرْضياً، فإن من دواعي شعوره بالرضا عن نفسه ومهنته كون ما يخرج من بين يديه يسهم في النهاية في بناء وإعمار بيوت جيرانه القرويين الفقراء الذين يراهن على خدمتهم، في حين يراهن آخرون على خرابها وهدمها، فشتان... شتان بين الرهانين.