ضرب "أسطول الحرية"... فشل سياسي وتدهور أخلاقي أصداء وتداعيات ضرب "أسطول الحرية" كانت المحور الرئيس للصحافة الإسرائيلية هذا الأسبوع. ثمن السياسة الخاطئة: انتقدت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الطريقة التي تدخل بها الجيش الإسرائيلي لوقف أسطول الحرية في مياه البحر الأبيض المتوسط، فعندما يهاجم جيش مدجج بالسلاح سفناً مدنية على متنها نشطاء عزل يحملون الدواء والغذاء لسكان غزة المحاصرين فإن النتيجة معروفة سلفاً تتمثل في المس بمكانة إسرائيل الدولية وتعريض سمعتها للخطر، بعدما تعالت الأصوات المُدينة والمستنكرة لقتل المدنيين. وسواء كانت المواجهة الدموية التي انتهى إليها تدخل الجيش ناتجة عن سوء تخطيط، أو رغبة في استعراض العضلات وقوة إسرائيل العسكرية، فإن النتيجة واحدة هي تخبط واضح في السياسة الإسرائيلية، بل إن الصحيفة تحذر من تداعيات ما جرى في عرض البحر، لا سيما العلاقة مع تركيا التي من المتوقع أن تسوء أكثر، هذا بالإضافة إلى نزع المصداقية عن السياسة الإسرائيلية في المحافل الدولية، وفي هذا السياق أيضاً تشير الصحيفة إلى تضعضع الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة واستيقاظ الضمير العالمي الذي لن يسمح باستمرار معاناة سكان القطاع؛ وفي نظر الصحيفة لا يمكن التعامل مع التدخل الإسرائيلي العنيف ضد سفينة الحرية المتوجهة إلى غزة على أنه نجاح عسكري، بل كان فشلاً سياسياً ذريعاً لم يراع التداعيات الخطيرة لمثل هذا الحادث على الصعيد الدولي، ولتلافي المزيد من التدهور في موقف إسرائيل الأخلاقي تدعو الصحيفة إلى تشكيل لجنة خاصة تحقق في الحادث، وتبحث في الطريقة التي يُتخذ بها القرار داخل الحكومة ومحاسبة المسؤول عن الترخيص لهذه المواجهة، التي كلفت إسرائيل غالياً على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي. "رصاص مصبوب آخر" شبه "جيدعون ليفي" في مقاله بصحيفة "هآرتس" يوم أمس ما جرى في عرض البحر الأبيض المتوسط والتدخل الإسرائيلي العنيف ضد أسطول الحرية بعملية الرصاص المصبوب التي نفذتها إسرائيل قبل أكثر من سنة ضد قطاع غزة، وخلفت العديد من القتلى والضحايا المدنيين واستنكار عالمي واسع، فعلى غرار عملية الرصاص المصبوب تسوق إسرائيل الحجج الواهية نفسها مثل الادعاء بأن النشطاء هم من بدؤوا بالهجوم وبأن الجنود الإسرائيليين، الذين اقتحموا السفينة، وهي في المياه الدولية وبعيدة عن إسرائيل، كادوا أن يتعرضوا للقتل والتمثيل بهم ليضطروا إلى إطلاق الرصاص وقتل المدنيين، ومرة أخرى تقول إسرائيل إنها أرادت فقط منع كسر الحصار على غزة وفرض احترام القانون، رغم أن القانون أصلًا باطل وغير شرعي، لا سيما بعدما استنفد الحصار على غزة كافة أغراضه وفشل في الإطاحة بحركة "حماس"، أو حتى إضعاف قبضتها على القطاع، ناهيك عن إخفاق المحاولات المتكررة لإطلاق جلعاد شاليط، بل إن إسرائيل، يقول الكاتب، تعود إلى نفس الحملة الإعلامية التي قامت بها غداة عملية الرصاص المسكوب، تلك الحملة العبثية التي لم تقنع أحداً في العالم عدا الإسرائيليين الذين تعرضوا لغسيل الدماغ، والنتيجة أن إسرائيل تنزلق نحو وضع دولي غير مريح ستصبح فيه دولة معزولة تمنع دخول المثقفين كما فعلت مع نعوم تشومسكي، وترسل قتلتها إلى الخارج لاغتيال عناصر "حماس"، ثم تخرق القانون الدولي باستهداف سفن مدنية بعيدة بعشرات الأميال عن مياهها الإقليمية. احتواء الأضرار: بعد اعتراض القوات الإسرائيلية الخاصة لسفن المساعدات المتوجهة إلى غزة واقتحام سفينة "مرمرة" التي تسيرها منظمة تركية للإغاثة، سارعت الصحف الإسرائيلية ومن بينها "جيروزاليم بوست"، في افتتاحيتها ليوم أمس، إلى احتواء ما جرى وتقديم الرواية الرسمية الإسرائيلية، التي تداولها المسؤولون في الدولة العبرية، فقد ركزت الصحيفة على ما قيل عن وجود أسلحة على متن سفينة مرمرة وعلى الهجوم الذي تعرض له الجنود الإسرائيليون، وهم يحاولون النزول عبر المروحيات على متن السفينة، فحسب الرواية الإسرائيلية تعرض هؤلاء الجنود إلى الضرب بقضبان حديدية، وحاول البعض انتزاع السلاح من الجنود وتوجيهه ضدهم ما دفع عناصر الجيش إلى إطلاق الرصاص، وفي هذا السياق أيضا تدعو الصحيفة إلى إطلاق الأشرطة المصورة التي تظهر، كما تدعي، اعتداء النشطاء على الجنود لتطويق ردود الفعل الدولية التي سارعت إلى انتقاد إسرائيل، والتي تراوحت بين التصريحات القوية كتلك التي صدرت عن تركيا وبين استدعاء السفراء الإسرائيليين في أكثر من دولة مثل إسبانيا التي ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأوروبية، فضلا عن تجميد اليونان لمناورات عسكرية كانت ستجرى مع إسرائيل، ثم استعداد الدول العربية لعقد قمة طارئة على مستوى وزراء الخارجية ينتظر منها الدعوة إلى فرض عقوبات دولية على إسرائيل. "رائد صلاح" أمام المحكمة: تناول الكاتب الإسرائيلي "رعنان بنزور" في مقال منشور بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم أمس مصير النشطاء الذين شاركوا في "أسطول الحرية" الذي كان ينوي كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية إلى سكانه المحاصرين، ومن بين هؤلاء ثلاثة شخصيات بارزة من العرب الإسرائيليين يأتي في مقدمتهم الشيخ رائد صلاح، قائد القطاع الشمالي في الحركة الإسلامية بعدما اعتقلته السلطات الإسرائيلية، وقررت عرضه على المحكمة، ويُكذب الكاتب في هذا السياق الشائعات التي أشيعت حول تعرض "رائد" لإصابة بليغة إثر التدخل الإسرائيلي على متن سفينة مرمرة التركية ليتبين لاحقاً أنه بصحة جيدة وأنه تم نقله إلى الشرطة استعدادًا لعرضه على القضاء، وحسب الكاتب دائماً رحلت السلطات الإسرائيلية 45 شخصاً شاركوا في أسطول الحرية من بين 679 يشكلون العدد الإجمالي للنشطاء الذين أبحروا من تركيا، ومن المتوقع أيضاً أن يرسَل 130 ناشطاً إلى سجن "إيلا" بمدينة بئر السبع حيث سينضمون إلى باقي المحتجزين والذين يصل عددهم إلى 480 شخصاً، وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية قد صرحت أن الموقوفين لن يعرضوا على المحاكم لأنهم اعتقلوا بموجب قانون خاص أصدرته وزارة الداخلية، لكن السجن خصص فقط للنشطاء الأجانب من خارج إسرائيل فيما تم تحويل المشاركين من عرب إسرائيل مباشرة إلى الشرطة الإسرائيلية للتحقيق معهم، ووفقاً لسلطات الهجرة الإسرائيلية، جاء أغلب المشاركين في أسطول الحرية من تركيا واليونان، بالإضافة إلى مواطني بلدان أخرى مثل صربيا وعمان وباكستان وماليزيا ومقدونيا واليمن وكوسوفو والبحرين وكلهم شاركوا في أسطول الحرية. إعداد: زهير الكساب