عندما تلقت الباحثة "بام مارتن" اتصالاً عاجلاً يطلب حضورها لمعاينة حوت رمادي جنح فجأة ومات على شاطئ "أرويو" غرب مدينة سياتل الأميركية، خفت إلى هناك مسرعة مع مساعديها في "شبكة الثدييات العالقة"، لتقف على هول الكارثة البيئية، وخاصة أن هذا هو خامس حوت رمادي جانح يعثر عليه نافقاً هذا الشهر على الشواطئ الأميركية والكندية. وهي كارثة لا يقلل من وقعها في شيء تأكيد علماء الأحياء البحرية على أن من الطبيعي نفوق ما بين خمسة إلى سبعة من الحيتان في كل عام أثناء موسم الهجرة الكبير، حين تتجه الحيتان إلى مصيفها شمالاً في آلاسكا. وما إن وصلت الباحثة، لحظات بعد الكارثة، حتى بدأت في أخذ العينات والمقاييس، بحثاً عن أية مؤشرات دالة على أسباب نفوق هذه الثدييات البحرية الهائلة. ولاشك أن في الانتظار الكثير من الفرضيات والقرائن، لأن عملاق البحار هذا، ليس من هواة "الانتحار الجماعي"، على عكس ما يشاع في التعبيرات السارية. بل يموت جماعيّاً الآن بوتائر متسارعة، لأسباب في متناول الفهم، ليس أقلها ارتفاع نسب المواد السامة في مياه البحار والمحيطات، وتردي الظروف البيئية العامة، وتداعيات الاحترار العالمي بفعل النشاط الصناعي البشري. وإذا عرفت الأسباب... بطل العجب العُجاب!