التوجّه الذي بدأت وزارة التربية والتعليم في العمل به، مؤخراً، نحو إعادة هيكلة التعليم الخاص، يعدّ خطوة مهمة نحو الارتقاء بالنظام التعليمي في الدولة والارتقاء به إلى المعايير العالمية، لكي يستجيب لمتطلبات التنمية والتطور، فاللجنة التي تم تشكيلها بالتنسيق بين الوزارة و"مجلس أبوظبي للتعليم" ستعمل على تطوير شؤون التعليم الخاص على مستوى الدولة، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية وتفعيل منظومة الاعتماد الأكاديمي بما يضمن جودة التعليم الخاص، ووضع تصور لتحديد الرسوم الدراسية وفقاً لمعايير موضوعية تعتمد على الجودة والتميز ومستوى الخدمات التعليمية. ما يبعث على التفاؤل هو أن خطط إعادة الهيكلة الجديدة ستستفيد من الخبرات والتجارب العالمية المهمة في مجال التعليم، كالخبرات والتجارب الأميركية والبريطانية والأسترالية والسنغافورية واليابانية، التي على أساسها سيتم وضع تصور يناسب قطاع التعليم الخاص في الدولة، ومن المعروف أن هذه التجارب التعليمية تقف وراء النهضة الاقتصادية التي تحقّقت في دولها. كما أن خطط الهيكلة الجديدة تستجيب أيضاً لمقترحات القائمين على القطاع الخاص، من أصحاب المدارس الخاصة ومديريها، وتأخذ في الاعتبار كذلك شكاوى أولياء الأمور من بعض الممارسات السلبية السائدة في القطاع التعليمي الخاص، وستعمل، بالطبع، على تجاوزها في خطط التطوير والهيكلة الجديدة. إن التوجّه نحو إعادة هيكلة التعليم الخاص في الدولة، والارتقاء به، هو اعتراف بأهمية الدور الذي يقوم به باعتباره شريكاً رئيسيّاً للتعليم الحكومي، وذلك في ضوء المؤشرات الإحصائية المختلفة التي تؤكد تنامي عدد المدارس الخاصة، وتنامي أعداد الطلاب الذين تستقبلهم عاماً بعد عام، وما يكسب هذا النوع من التعليم أهمية إضافية طبيعة التركيبة السكانية في الدولة التي تجمع جنسيات ولغات وثقافات متباينة ومختلفة، وكل منها معنيّ بتعليم أبنائه، الأمر الذي جعل من وجود هذه المؤسسات التعليمية الخاصة ضرورة لا غنى عنها. إذا كانت عملية إعادة هيكلة التعليم الخاص تستهدف في الأساس الارتقاء به وتطويره لكي يمارس دوره المأمول في النهضة التعليمية التي تشهدها الدولة في الوقت الراهن، فإن هناك متطلبات عدة ينبغي أخذها في الاعتبار، أولها المواءمة بين مضمون العملية التعليمية ومنطق الربح الذي يسعى إليه التعليم الخاص، بحيث لا يكون تعظيم مكاسب هذا القطاع على حساب العملية التعليمية، كما هو واقع حاليّاً في ممارسات كثير من المدارس ومعاهد التعليم الخاصة. وثانيها الاهتمام بتطوير أداء مختلف أطراف العملية التعليمية في القطاع الخاص، بداية من اختيار المعلمين الذين يقومون بالتدريس في هذه المدارس، بحيث تتوافر فيهم القدرة على تطبيق أحدث طرق التدريس والمناهج، ومروراً بمديري المدارس والكوادر القيادية التربوية، بحيث تتوافر لديهم الخبرات التي تؤهّلهم لتنفيذ مهام الدولة وتوجّهاتها الخاصة بتحقيق الجودة الشاملة، حتى يمكن توفير البيئة المناسبة للطلبة التي تشجعهم على التحصيل الجيد. وثالثها تفعيل الرقابة على أداء مؤسسات التعليم الخاص، سواء تعلق الأمر بالتزامها لوائح الوزارة الخاصة بالمصاريف الدراسية لكي لا تبالغ في تقديرها، أو تعلق الأمر بطبيعة المناهج التي تقوم بتدريسها، خاصة أن كثيراً من هذه المدارس تطبّق مناهج تختلف في بعض توجّهاتها عن مناهج وزارة التربية والتعليم، ولذلك فإن المتابعة مطلوبة لضمان عدم جنوح هذه المناهج عن جوهر المعتقدات والعادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع.