يمثّل الأداء الاقتصادي المستقر، الذي حافظت عليه دولة الإمارات منذ المراحل الأولى من "الأزمة المالية العالمية"، السبب الرئيسي لاحتفاظ الاقتصاد الوطني بمستوى متميّز من الثقة، سواء لدى المستثمرين المحليّين أو المستثمرين الأجانب أو حتى المؤسسات الدولية والشركات العالمية، فبالرغم من أن الأزمة قد كبّدت معظم اقتصادات العالم خسائر كبيرة، فإنها لم تكن بالوقع نفسه على الاقتصاد الإماراتي، الذي لم يدخل في موجات ركود مماثلة للموجات التي تعرّض لها العديد من الاقتصادات حول العالم. ولعل احتفاظ الاقتصاد الإماراتي بطلب محلي ديناميكي على مختلف السلع والخدمات هو ما منحه القدرة على استيعاب تداعيات الأزمة والخروج من أسوأ مراحلها دون خسائر تذكر، ومكّنه أيضاً من الإبقاء على جاذبية الفرص التي يوفّرها لمستثمريه ومناخه الاستثماري بوجه عام. وقد استطاع الاقتصاد الإماراتي بفضل هذا الأداء أن يحتفظ بمستويات مرتفعة لثقة المستثمرين به، حتى في أسوأ مراحل "الأزمة المالية"، حيث ظل "مؤشر ثقة المستثمرين" به مرتفعاً في معظم فترات عام 2009. واستمراراً لهذا الأداء الإيجابي فقد شهد "مؤشر ثقة المستثمرين" بالاقتصاد الإماراتي، الذي يعده بنك "إتش. إس. بي. سي"، ارتفاعاً يقدّر بنحو 20 نقطة، ليسجل نحو 76.6 نقطة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالربع نفسه من العام السابق عندما بلغ فيه 57.9 نقطة، وهو ما يعد إضافة جديدة وكبيرة إلى مستوى الثقة بمتانة الاقتصاد الوطني، وأنه قد خرج بالفعل من أسوأ مراحل الأزمة وقطع شوطاً كبيراً على طريق التعافي من تداعيات "الأزمة المالية"، كما تعبّر الزيادة الكبيرة في ثقة المستثمرين عن أنهم باتوا أكثر تفاؤلاً بشأن قدرة الاقتصاد الإماراتي على استكمال رحلة التعافي والتخلّص بشكل كليّ من تداعيات "الأزمة المالية". ويمكن القول إن الاقتصاد الوطني قد تمكّن خلال عام 2009، وكذلك خلال الفترة المنقضية من عام 2010، من إضافة المزيد من الزخم والجاذبية، ما جعله أكثر قبولاً لدى أصحاب الأعمال، سواء كان المستثمرون أفراداً أو مؤسسات كبرى محلية أو أجنبية، وبالطبع يمثّل هذا التحسّن الكبير والمتواصل في ثقة المستثمرين بالاقتصاد الإماراتي ثمرة من ثمرات السياسات الاقتصادية التي تطبقها الحكومة الإماراتية باستمرار، والتعديل المستمر الذي تقوم به الدولة للمناخ الاستثماري، وقد تمكّنت الدولة بفضل هذه الجهود من أن تصبح إحدى أكثر خمس دول إصلاحاً لمناخها الاستثماري على مستوى العالم، وفقاً لأحدث تقرير لـ "ممارسة أنشطة الأعمال"، الذي يصدره "البنك الدولي" بالتعاون مع "المنتدى الاقتصادي العالمي". ويأتي التحسّن السنوي في ترتيب دولة الإمارات على المستوى العالمي، وفقاً لمؤشر "سهولة ممارسة الأعمال"، الذي يصدر في التقرير المذكور لـ"البنك الدولي" كدليل إضافي على مدى جاذبية المناخ الاستثماري الإماراتي وعلى تحسّن الوضع التنافسي للاقتصاد الإماراتي بوجه عام على المستوى العالمي، وقد تقدّم ترتيب دولة الإمارات وفقاً لذلك المؤشر إلى المرتبة 33 عالمياً في عام 2010، بعد أن احتلّت الدولة المرتبة 47 عالمياً العام الماضي، لتتقدّم 14 مركزاً في عام واحد، وهو ما يعدّ إنجازاً قلّ نظيره على مستوى العالم، ويمكن القول إن هذا التحسن المستمر يمثّل نقطة جذب رئيسية لأنظار المستثمرين الباحثين عن مناخ استثماري مرِنٍ وفرص استثمارية تنافسية على مستوى العالم. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية