أعتقد أن الكثير من المثبطات وعوامل الضعف التي أقعدت مشاريع النهوض والتطوير في العالم العربي، كان افتقارها لتصور شامل وخلاق حول الدور التنموي للثقافة، تصور من شأنه أن يستثمر ما تختزنه ثقافتنا من طاقات بناءة وفعالة للغاية. وهذا هو الموضوع الذي تنبه له واهتم به الدكتور حسن حنفي وتناوله في مقاله الأخير على هذه الصفحات حول "الاستقلال الثقافي". وبالطبع فإنه لا تغيب عن بال الكاتب حقائق الديناميات الثقافية النشطة في ظل العولمة، وما يصاحبها من تمازج وتثاقف وتفاعل متواصل بين جهات الأرض ومنظوماتها الثقافية على اختلافها... لكن تبقى الحقيقة الأساسية الأهم، هي أنه في إطار هذا التفاعل الثقافي الكوني المحتدم لا يمكن لأي طرف أن يحقق ذاته ويفرض مصالحه ويسهم في الحراك العالمي، من خلال تبني ثقافة الآخر واستعارة عناصرها اللغوية والقيمية، بل فقط من خلال ذاتيته المستقلة والمتفاعلة في آن معاً. من هنا فإننا نشير إلى ذلك التفاعل الإيجابي حين نستخدم مع الكاتب عبارة "الاستقلال الثقافي"، وليس معناها الذي عادة ما يحيل الى الانغلاق ونبذ الآخر! برهان الشامي -الشارقة