لعل أكثر شيء أختلف فيه مع مقال: "إشكالية العلمانية والحرية" الذي كتبه هنا د. خالد الحروب هو عدم إشارته إلى المفارقة الضمنية الكامنة في العنوان نفسه، وذلك لأنني أعتقد أن العلاقة بين العلمانية والحرية، هي بكل المقاييس، علاقة إشكالية فعلاً. فالعلمانية التي تعني إقصاء الدين من المجال العام، لا يراعي دعاتها في كثير من الأحيان أن من أبسط مقومات الحرية أن يترك الإنسان الفرد، والمجتمع أيضاً، يختار ما شاء في معتقداته الذاتية وعلاقاته مع المجتمع. وإذا عرفنا أن دور الدين في معظم المجتمعات البشرية القديمة والحديثة كان دائماً كبيراً ومهماً، فإن سعي غلاة الدعوات العلمانية لاستبعاد الجانب الروحي تبعاً لثقافة الإقصاء التي يتبنونها، لا يعدو كونه قفزاً على حقائق التاريخ، واستنساخاً لتجربة خاصة عرفتها أوروبا بسبب ظروف معينة عاشتها في القرون الوسطى، مع أن لتلك التجربة وتبعاتها حدوداً كان ينبغي عدم إغفالها أو القفز عليها. وليد ناصر - دمشق