تحرص الدولة باستمرار على إيجاد كوادر مواطنة تكون قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المستقبلية، خاصة في المجالات الحيوية سواء تلك التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمنها القومي، كالهندسة النووية أو تلك المجالات التي تعتمد على اقتصاد المعرفة، كهندسة صناعة الطيران. في هذا السياق جاء إعلان أول دفعة يجري إلحاقها بـ"أكاديمية العين الدولية للطيران"، مؤخراً، وتضمّ 20 مواطناً ومواطنة، ضمن الشراكة القائمة بين "معهد التكنولوجيا التطبيقية" و"وحدة صناعة الطيران" التابعة لشركة "مبادلة"، وذلك لإعداد 225 من المهندسين والفنيين المواطنين وتأهيلهم للعمل في مصنع "ستراتا" لهياكل الطائرات خلال خمس سنوات. هذه الخطوة تعكس بوضوح الاهتمام الذي توليه الدولة لرفع قدرات العنصر البشري المواطن، وتأهيله وتدريبه ليكون قادراً على الدخول في التخصّصات النادرة كصناعة هندسة الطيران، تلك الصناعة التي تتطلّب مهارات خاصة تعتمد على علوم العصر الحديثة والتكنولوجيا. وهذا هو الهدف الرئيسي من البرنامج التدريبي الذي تتيحه "أكاديمية العين الدولية للطيران" لمنتسبيها من المواطنين، والذي يسهم من خلال ما يوفره من دورات تدريبية في الداخل والخارج، في تأهيلهم وتعريفهم بالمهارات والمبادئ الأساسية لتصنيع المواد المركّبة في هذه الصناعة الحيوية والدقيقة، وبالشكل الذي يمكّنهم من العمل في هذا المجال في فروعه المختلفة، سواء كمهندسي طائرات أو فنيين أو حتى في الوظائف التخصّصية الأخرى، وهو الأمر الذي يمكن أن يسهم على المدى البعيد في توطين هذا المجال الحيوي. كما أن العمل على إيجاد كوادر مواطنة في قطاع هندسة الطيران يعدّ خطوة مهمّة نحو الارتقاء بهذا القطاع، لأنها ستكون قادرة، ليس على متابعة أي مستجدات قد تطرأ في هذا المجال الحيوي وحسب، وإنما ستسهم في توطين التكنولوجيا المرتبطة بصناعة الطيران داخل الدولة أيضاً. وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تنفيذ خطط الدولة وتحقيق طموحاتها في تطوير صناعة الطيران، والارتقاء بها لتكون ضمن أهم القطاعات الاقتصادية التي تعتمد عليها في سياستها الخاصة بتنويع مصادر الدخل. إن حرص الدولة وقيادتنا الرشيدة على وجود كوادر بشريّة مواطنة في مجال هندسة الطيران وغيرها من المجالات الحيوية الأخرى يعكس توجّهاً استراتيجياً يستند إلى حسابات وتقديرات دقيقة، وليس توجّهاً مؤقتاً أو قصير المدى، ولذلك يأتي الاهتمام بتوفير كلّ الإمكانات اللازمة لإنجاح هذا التوجّه وتحقيق أهدافه المرجوّة؛ لأنه يشكّل نقلة نوعيّة لخطط التنمية وأهدافها في الدولة على المدى البعيد. ما يدعو إلى التفاؤل أن هذا التوجّه بدئ العمل على ترسيخه في كثير من المجالات والقطاعات الحيوية في الدولة التي تتطلّب العنصر المواطن، ففي مجال الطاقة النووية تمّ ابتعاث عشرات المهندسين الإماراتيين في المجال النووي السلمي إلى أهم جامعات العالم المهتمّة بالهندسة النووية، وسيمثّل هؤلاء فور عودتهم القاعدة البشرية لتشغيل البرنامج النووي السلمي للدولة. في السياق ذاته فإن المسيرة التعليمية في الدولة أصبحت تتواكب بشكل كبير مع ما هو حادث من تطوّر في هذه المجالات الحيوية، فصناعة الطيران مثلاً باتت تفتح مجالاً أوسع للتنسيق مع المعاهد الفنية والكليّات والجامعات المختلفة في الدولة لإدخال علوم وهندسة صناعة الطيران في مناهجها، وبالشكل الذي يخدم استراتيجية الدولة وخططها المستقبلية نحو الدخول إلى المجالات الحديثة والمتطوّرة والتخصّصات النادرة التي تخدم عمليّة التنمية المستدامة فيها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية