لقد اتخذت وكالتان محليتان تعملان مع سلطات ولاية كاليفورنيا، أكبر خطوة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية تهدف إلى خفض مساهمتها في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ففي يوم الخميس قبل الماضي أعلنت وكالة حماية البيئة والإدارة القومية لسلامة طرق المرور السريع، قواعد جديدة تطالب الشركات المتخصصة بصناعة سيارات عادية وصغيرة ومتوسطة الحجم بمواصفات تقنية جديدة تمكنها من قطع 35.5 ميل عن الجالون الواحد بحلول عام 2016، بينما تخفض انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 30 في المئة. وبذلك تستطيع هذه السيارات الجديدة توفير حوالي 1.8 مليار برميل من النفط. يذكر أن اتخاذ هذه الخطوة قد استغرق زمناً طويلاً. فخلال ما يزيد على عشر سنوات، واصلت شركات السيارات الأميركية بذل الجهود المستمرة في واشنطن لتحسين معايير استهلاك الوقود. وقد بادرت كاليفورنيا بتشريع قانونها الخاص بالانبعاثات الغازية في عام 2002 بموجب نصوص القانون الفيدرالي بشأن نقاء الهواء. وفي شهر مايو من العام الماضي، وجِّه أوباما وكالة حماية البيئة والإدارة القومية لسلامة طرق المرور السريع باستخدام المعايير التي تبنتها ولاية كاليفورنيا لوضع معايير قومية جديدة لترشيد استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري. وعلى رغم أهمية هذه الخطوات والقواعد الجديدة التي تم تبنيها، فهي تظل غير كافية، إذ لا يزال على كاليفورنيا قيادة الولايات المتحدة نحو الطريق المؤدي إلى هذه التكنولوجيا الجديدة. وباستثناء خمس دول أخرى، تعد أميركا الدولة الأكثر مساهمة عالمياً في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وبالنظر إلى كمية الغازات السامة التي تنبعث من عوادم سياراتنا، وارتفاع تكلفة استيراد النفط الأجنبي، والمخاطر المتعلقة باعتمادنا على هذه الصادرات الأجنبية، فقد حان الوقت الذي يتعين علينا فيه العمل من أجل تبني الجيل الثاني من تكنولوجيا ترشيد استهلاك الوقود ومعايير انبعاث هذه الغازات، بما يمكننا من الكف عن استخدام محركات الاحتراق الداخلي. وتتطلب هذه الخطوة، تجاوز تكنولوجيا صناعة السيارات التقليدية القديمة التي ظلت تخدم البشرية خلال ما يزيد على القرن من الزمان. وعلينا اليوم تبني القواعد والقوانين التي تمكننا من الانتقال من تكنولوجيا السيارات التي تعمل بنظام الاحتراق الداخلي، إلى السيارات الكهربائية، أو تلك التي تعمل بخلايا الطاقة، وذلك في الوقت الذي تساعد هذه التكنولوجيا الحديثة على تنظيف محطات توليد الطاقة التي تعتمد عليها محركاتها الجديدة. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن تصميم وإنتاج هذا النوع الجديد من السيارات يستغرق بين ثلاث إلى خمس سنوات، وكذلك المدة الزمنية التي يحاول خلالها صانعو السيارات التقليدية القديمة إعاقة هذه المعايير والتكنولوجيا الحديثة، فإن علينا أن نبدأ الآن وضع القواعد والنظم التشريعية التي تمكن بلادنا من تطبيق التكنولوجيا والمعايير هذه بين الأعوام2017-2025. وعلينا أن نتوقع أيضاً أن بعض السيارات الجديدة التي يتم تصميمها على أساس تلك المعايير لن تتمكن من السير في الشوارع الأميركية قبل عام 2040. وهنا يأتي دور كاليفورنيا بالذات. فقد بدأ مجلسها المختص بإدارة موارد الهواء دراسة وتحليل المعايير التالية التي يمكن له تبنيها. وسوف تكون هذه المعايير بمثابة الجولة الثانية من التحسينات التي تحققت بموجب التشريعات التي سنتها السيناتورة "فران بافلي"، عندما كانت عضواً بالمجلس المذكور في عام 2002. وعلينا أن نشجع المجلس على المضي قدماً في تطوير تلك المعايير، وكأن العالم كله يعتمد على ما يقوم به من دور وجهد في هذا الاتجاه. ومن الواجب أن تتوفر سيارات الركاب الأقل تلويثاً للبيئة لمن يرغبها من جمهور المستهلكين. وإن على شركات صناعة السيارات تطوير الجيل التالي من التكنولوجيا القادرة على صنع السيارات الحديثة هذه بمختلف أنواعها وأشكالها والأغراض المستخدمة لها. ومن الجانب الآخر تقع على الحكومة مسؤولية وضع المعايير القادرة على دفع الشركات وحثها على تحقيق هذا الهدف. ولن يقتصر هذا التحول التكنولوجي الذي تطرح أولى موديلات منتجاته من السيارات الحديثة في عام 2017 على تحديد نوع السيارة الجديدة التي تحل محل "شافطات البترول" التي نستخدمها اليوم فحسب، بل يتوقع له أن يساهم مساهمة كبيرة في تحسين أمن الطاقة واقتصادنا القومي، إضافة إلى دوره في تحسين البيئة أيضاً. هذا ويلاحظ أن الأوروبيين يتفوقون علينا في مستوى خفضهم لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وفي سرعة ذلك الخفض. ويعرف الأوروبيون بقدرتهم على التكيف مع السيارات والشاحنات الصغيرة أفضل مما نفعل نحن. وقد أصابوا في إعادة النظر في أحجام السيارات التي يصنعونها ويستهلكونها. فكلما قل حجم السيارة كلما قل استهلاكها للوقود. ولعل أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل سيارات اليوم التي نستخدمها هنا أقل كفاءة في استهلاك الوقود، وزنها وحجمها. وحسب ما جاء في تقرير وكالة حماية البيئة، فإن السيارات المصنوعة داخل الولايات المتحدة في عام 2000 تعد أثقل وزناً من تلك المصنوعة في عام 2009 بحوالي 167 رطلاً، كما أنها أقوى من ناحية المحرك إذ تزيد عن سيارات العام الماضي بنحو 19 في المئة قوة حصان. ولكي نخفض معدلات ارتفاع درجات حرارة المناخ العالمي، علينا أن نصنع سيارات أنظف وأصغر حجماً وأقل وزناً، دون التخلي أو التهاون في معايير الجودة والسلامة. دان بيكر: مدير حملة سلامة المناخ بواشنطن جيمس جيرشتزانج: المدير الإعلامي للحملة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"