البناء على نحو يراعي البيئة، أو ما بات يصطلح عليه البناء الأخضر، يعد من الظواهر القليلة جدا التي تنشِّط سوق العقارات السكنية التي تعيش فترة ركود في الولايات المتحدة؛ ويعزى ذلك بالأساس إلى كون طلب المستهلك تحرِّكه حقيقة أن منزلاً أخضر يمكنه أن يوفر ما لا يقل عن 30 إلى 60 في المئة مقارنة مع منزل عادي بخصوص التدفئة والتبريد. غير أنه على الرغم من الإقبال المتزايد الذي يعرفه البناء الأخضر، فإن المشترين المحتملين للمنازل الصديقة للبيئة يجدون أنه ليس من السهل دائماً الحصول على التقييم الصحيح لها، ناهيك عن التمويل. ويمكن القول إن المشكلة ثلاثية الجوانب: افتقار من يشرفون على عمليات تقييم المنازل إلى التعليم بخصوص تكاليف وفوائد البناء الأخضر؛ وعدم كفاية البيانات المتاحة لهم من أجل حساب قيمة الفوائد البيئية؛ وأخيراً، خدمات تبويب وتصنيف العقارات التي لا تأخذ في عين الاعتبار، في كثير من مناطق الولايات المتحدة، خصائصَ ومواصفات مثل الألواح الشمسية واستعمال المواد العازلة للحرارة في البناء خلال عملية تقييم قيمة العقار. غير أن العمل جار من أجل إيجاد حلول لهذه المشاكل. وفي هذا الإطار يقول "كيفن مورو"، مدير البرامج الخضراء في "الجمعية الوطنية لبناة المنازل": "ما توصلنا إليه هو أن عملية تقييم قيمة المنازل، وعملية الإقراض، وتوفير ضمانات القروض لم تواكب بعد اهتمام السوق بالبناء الأخضر"، مضيفا "فإذا قام بانٍ ببناء منزل يكلف أكثر بقليل من منزل عادي مجاور ولكنه يتوفر على كل أنواع خصائص ومواصفات الفعالية، التي تعني في نهاية المطاف أن تكاليف تشغيله ستكون أقل مقارنة مع المنزل العادي، فإنه غالبا ما لا يحصل على التقييم الأعلى الذي يستحقه". في "تشابل هيل"، بولاية كارولاينا الشمالية، على سبيل المثال، صمم "مايكل تشاندلر" منزلًا حتى يكون صغيراً ويتميز بالفعالية بخصوص البيئة ويعتمد على الطاقة الشمسية. ولكن لكي يصبح التقييم عالياً بما يكفي حتى يستطيع المشترون المحتملون الحصول على قرض من البنك، كان لا بد من إدخال بعض التعديلات على المنزل. وفي هذا السياق يقول "تشاندلر" ، مالك "تشاندلر ديزاين بيلد": "لقد اضطررنا إلى إزالة بعض الخصائص والمواصفات المتعلقة بالطاقة مثل سخان الماء الذي يعمل بالطاقة الشمسية، وتقليل المواد العازلة للحرارة، وإضافة بعض الأقدام المربعة، فجعلناه أكبر مساحة وأقل فعالية بخصوص الطاقة حتى نصل إلى تقييم 400 ألف دولار"، مضيفاً "إن المنازل التي تعد أكثر فعالية بكثير من المنازل العادية، تفوق كلفتها كلفة المنازل التي تُبنى وفق المعايير العادية بـ15 ألفا إلى 20 ألف دولار في المتوسط، غير أن ذلك لا يُعكس في عمليات التقييم". ولعل خير مثال على ذلك هو الطريقة التي يتم بها تقييم استعمال المواد العازلة للحرارة في البناء في عملية تقييم عادية. فالجدار العازل للحرارة المكون من الألياف الزجاجية غير الباهظة، والذي يستوفي الحد الأدنى الذي تنص عليه معايير البناء، يُقيَّم عادة على أساس أن لديه القيمة المالية نفسها التي لدى العزل بواسطة الرغوة، والذي يعد أغلى ثمناً وأكثر فعالية، رغم أن استعمال اللحاف المكون من الألياف الزجاجية لغرض العزل الحراري يرفع تكاليف التشغيل الشهرية للمنزل. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول مارك نوزولو، مالك "بروكسايد ديفلبمنت" في وودبريدج بولاية كونيكتكت: "إن العاملين في قطاع تقييم قيمة المنازل في حاجة إلى آليات مقبولة تمكِّن من رفع قيمة العقارات التي تتميز بالفعالية في استهلاك الطاقة، تماماً على غرار ما يقومون به مع الأسطح الرخامية في المطبخ أو الأرضيات الخشبية أو المدفأة". "معهد التقييم"، وهو منظمة تعليمية ومهنية غير ربحية يشكل أعضاؤها أكثر من ربع المقيمين المئة ألف الموجودين بالولايات المتحدة، شرع في معالجة هذه المشاكل، حيث قام بتنظيم سلسلة من الدروس، والندوات إضافة إلى برنامج الشهادة الخضراء لفائدة المقيِّمين. وفي هذا السياق تقول "ليزلي سيلرز"، وهي مقيِّمة في نوكسفيل بولاية تينيسي ورئيسة "معهد التقييم" لعام 2010 : "إنك لا تقوم بعملية التقييم على هذا النحو (الأخذ بعين الاعتبار معايير البناء الأخضر) إذا كنت قد خضعت لتدريب عادي يؤهلك للحصول على ترخيص على صعيد الولاية" مضيفة "فمن أجل القيام بهذا، عليك أن تتلقى دروساً إضافية فوق ذلك". غير أن "سيلرز" تقول إن المقيمين لا يحددون القيمة السوقية للعقار، وإنما يقيسونها فحسب. وفي حال لم يكن ثمة دليل سوقي على أن سخان الماء الذي يعمل بالطاقة الشمسية يزيد من قيمة منزل في منطقة ما، فإن المقيٍّم في تلك الحالة لا يضع أي قيمة عليه ولا يأخذه في عين الاعتبار. وينطبق ذلك بالأخص على سوق متغيرة مثل السوق الحالية حيث تقول "سيلرز”: "إننا نعمل في أحيان كثيرة مع بيانات سوقية عمرها ستة أشهر". ومن جانبه، يقول "نوزولو”: "إن البناء الأخضر مازال فتياً... لقد غير التقدم التكنولوجي بشكل كبير – ومازال – الطريقة التي نبني بها المنازل. وعلى قطاعي البنوك والقروض العقارية أن يواكبا هذا التطور". ألكسندرا ماركس ___________________________ صحفية متخصصة في قضايا البيئة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"