تعدّ المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفقاً للنظريات الاقتصادية، أحد المحرّكات المهمّة للنمو الاقتصادي، وبخاصة إذا توافرت لها الظروف المتمثّلة في الأطر التنظيمية والتشريعية التي تساعدها في أداء دورها لخدمة أهداف التنمية، وتمثّل المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحو 90 في المئة من إجمالي عدد مؤسسات الأعمال في دولة الإمارات، وهي توظّف نحو 85 في المئة من الأيدي العاملة في الدولة، وهو ما يتماشى مع المؤشرات العالمية، إذ تمثّل المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحو 98 في المئة من إجمالي عدد مؤسسات الأعمال في دول الاتحاد الأوروبي، كما أنها توظّف نحو 67 في المئة من إجمالي الأيدي العاملة هناك. ويقدّر ناتج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات بنحو 282.6 مليار درهم، بما يمثّل نحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويمثّل المعدّل المرتفع لنصيب هذه المشروعات من الناتج مؤشراً إلى محورية دورها في خدمة أهداف التنمية الاقتصادية في الدولة. وتزداد أهميّة تلك المشروعات كآلية للتنويع الاقتصادي في الإمارات من كونها تتركّز في القطاعات غير النفطية، وهي القطاعات التي تحتل أهميّة خاصة بالنسبة إلى الاقتصاد الإماراتي الساعي إلى الاستدامة في المرحلة الراهنة. كما تمثّل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أيضاً دعامة رئيسية لاقتصاد إمارة أبوظبي، نظراً لكونها أحد المرتكزات التي يعتمد عليها اقتصاد الإمارة في طريقه نحو تحقيق رؤيته المستقبلية لعام 2030، التي تعتمد التنويع الاقتصادي بعيداً عن القطاع النفطي هدفاً رئيسيّاً لها، وتعدّ المشروعات الصغيرة والمتوسطة إحدى أهم آليات العمل في هذا الشأن، إذ إنها تسهم بنحو 46 في المئة من الناتج المحلي غير النفطي للإمارة حاليّاً. ويتوقع أن تزداد أهميّة الدور التنموي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاد أبوظبي واقتصاد الدولة، خلال السنوات المقبلة، في ظل القدرات التي تتمتّع بها هذه الفئة من المشروعات، التي لا تتوافر للمشروعات الكبيرة، حيث إنها ذات قدرة كبيرة على الحركة من القطاعات الاقتصادية وإليها، نظراً لسهولة دخولها الأسواق وخروجها منها، ما يجعلها آلية فعّالة لدى الحكومة يسهل توجيهها إلى القطاعات الأكثر أهميّة وفقاً للمراحل التنموية التي يمرّ بها الاقتصاد، كما أن التعامل المباشر لهذه المشروعات مع المستهلك النهائي يوفر لها العديد من المميزات، التي من أهمّها قصر الفترة الزمنية اللازمة لدورة رأس المال، وارتفاع القيمة المضافة والعوائد لهذه المشروعات مقارنة بالمشروعات الكبيرة. وبالرغم من أن هناك بعض التحدّيات التي تقف عقبات في وجه المشروعات لصغيرة والمتوسطة التي قد تعوقها عن أداء دورها التنموي في أبوظبي، فإن القائمين على شؤون هذا القطاع يسعون بشكل دؤوب إلى تذليل هذه العقبات، بخاصة في ما يتعلّق بقضية صعوبة حصول هذه المشروعات على التمويل، وقد أعلن "صندوق خليفة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها" في هذا الإطار، مؤخراً، أنه سوف يضاعف الحدّ الأقصى المسموح به للتمويل من خمسة ملايين درهم إلى عشرة ملايين درهم، ويأتي هذا الإجراء ضمن المساعي المستمرة لحكومة الإمارة لدعم هذه المشروعات وتوفير التمويل اللازم لها، ولعلّ هذه الجهود المتواصلة في إمارة أبوظبي بوجه خاص ودولة الإمارات بوجه عام هي ما جعل الدولة واحدة من أفضل دول العالم من حيث توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية