"بليرية" في غلاف جديد... وقمصان تايلاند الحمراء مضرجة بالدم أصداء الاتفاقية النووية بين الولايات المتحدة وروسيا، وتداعيات مصرع الرئيس البولندي وعدد من أركان حكمه في حادث سقوط طائرة، وبدء العد التنازلي للانتخابات البريطانية، وتفاقم الاضطرابات في تايلاند... موضوعات نسلط عليها الضوء، ضمن إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية. *الأميركان مع الروس أخيراً: في افتتاحيتها يلوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "الأسلحة النووية" أوباما يقود الطريق بشأن خفض عدد الرؤوس الحربية النووية"، أعادت "الأوبزرفر" إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، التي كان يهيمن فيها على العالم شعور ثقيل بالخوف، من أن يؤدي أي توتر في العلاقات، أو أي أزمة طارئة بين العملاقين الأميركي والروسي، إلى الضغط على الأزرار النووية وإفناء العالم. وهذا الشعور الذي تكون عبر سنوات عديدة يحتاج في نظر الصحيفة إلى سنوات عديدة كي يزول، ولكنها ترى مع ذلك أن الاتفاقية التي وقعها أوباما مع الرئيس الروسي بإجراء أكبر خفض في الترسانة النووية للبلدين على الإطلاق، يمثل انتصاراً كبيراً للرئيس الأميركي في مجال السياسة الخارجية، حيث أن توقيع تلك الاتفاقية يعني أنه تمكن من إزالة الشك، الذي ظل ينتاب روسيا منذ انتهاء الحرب الباردة بشأن أن الولايات المتحدة تحيك المؤامرات باستمرار بغرض الإساءة لسمعتها، وتقويض مكانتها العالمية. وتقول الصحيفة إن توقيع تلك الاتفاقية كان تمهيداً في غاية الأهمية لقمة الأمن النووي المنعقدة في واشنطن حالياً، والتي يأمل الرئيس الأميركي من خلالها إلى قيادة العالم من أجل بناء زخم لإجراء المزيد من عمليات التخلص من الأسلحة النووية والقيام في الوقت نفسه بتليين مواقف الدول النووية، التي تتبنى مواقف متصلبة بشأن المحافظة على ترسانتها النووية مثل كوريا الشمالية والهند وباكستان وهي مهمة في غاية الجسامة. *لعنة التاريخ:بدأت "الفاينانشيال تايمز" افتتاحيتها يوم الأحد الماضي تحت عنوان "الفاجعة تكشف عن تماسك بولندا وقوتها" باستعارة وصف المؤرخ البريطاني الشهير "نورمان ديفيز" لبولندا في سفره الضخم عن تاريخ ذلك البلد، وهو أنها" أرض الأقدار الغاشمة"، وربطت بين ذلك الوصف، والفاجعة التي حلت بذلك البلد السبت الماضي، والتي وصفت بأنها أكبر فاجعة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كلها، وذلك عندما سقطت طائرة تقل الرئيس البولندي وزوجته وعدد من كبار الشخصيات البولندية غرب روسيا، وكانت تضم وفداً من ممثلي العائلات البولندية، الذين كانوا في طريقهم لروسيا لتخليد ذكري 20 ألفا من ذويهم قتلوا على أيدي الجيش الأحمر السوفييتي أثناء الحرب العالمية الثانية. ترى الصحيفة أنه على الرغم من هول الفاجعة، فإنها كشفت في الوقت ذاته عن تماسك الوطن البولندي، حيث تمت عملية انتقال السلطة بسلاسة، ووفق الدستور على الرغم من أن فقد مثل هذا العدد من المسؤولين الكبار كفيل في حد ذاته بإيقاف عجلة الحياة في بلاد أكثر قوة وأكبر مساحة من بولندا. وتقول الصحيفة إنه إذا كان هذا الانتقال السلس وما أبداه الشعب من تماسك قد يبدو عادياً في نظر كثيرين، فإنه ليس كذلك على الإطلاق في بلد كان تاريخه حافلًا بالفواجع والثورات، التي غير بعضها مجرى القارة الأوروبية بأسرها. "بليرية" في غلاف جديد: تشير هذه العبارة للبيان الانتخابي الذي أصدره حزب "العمال" البريطاني بمناسبة قرب موعد الانتخابات البرلمانية، والذي وصفته "التايمز" في افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء بأنه وثيقة "بليرية" الطابع، وتبرر "الجارديان" وصفها بأن البيان قد احتوى على ذلك الطابع التلفيقي المميز لبلير، وأن كل ما فعله حزب "العمال" هذه المرة أنه أعاد تغليف طائفة من الأفكار القديمة في أغلفة جديدة، ولكنه نسي أن يضع"شعار" بلير عليها. وترى الصحيفة أن البيان الانتخابي، وبدلًا من أن يكون خطة للمستقبل كما هي العادة دائماً، مع البيانات الانتخابية التي تقدمها الأحزاب قبل الانتخابات، كان تذكيرا بالماضي، لأنه كان في كل فقرة من فقراته يدعو بعبارات إنشائية إلى زيادة الاعتماد على القطاع الخاص والمبادرة الفردية، حسب أفكار حزب "العمال الجديد"، ولكن كافة السياسات التي يقترحها لوضع ذلك موضع التنفيذ كانت تؤكد أن الحزب لا يزال يتمسك بأفكار حزب "العمال القديم"، ومن أبرزها التركيز على التدخلية الحكومية في كافة المجالات، وهو بذلك قد فشل في تقديم رؤية غير ملتبسة لبريطانيا حتى عام 2015 . *القمصان الحمراء مضرجة بالدم: في افتتاحيتها أول من أمس حول موضوع الاضطرابات المستمرة في تايلاند والتي بلغت ذروة دامية نهاية الأسبوع الماضي لم تشهدها البلاد منذ20 عاماً، أسفرت عن مصرع وجرح عشرات من ذوي "القمصان الحمراء". تقول "الجارديان" إن الصراع في تلك الدولة كان غالباً ما يُصور على أنه صراع بين قوتين تتصرف كل واحدة منهما بصورة لا تقل سوءاً عن الأخرى فالفقراء الزراعيون الذين يحركهم رئيس الوزراء المقال "تاسكين شيناوترا"، الذين يرتدون القمصان الحمراء كانوا يتظاهرون في الشوارع ضد العسكريين والنخبة التايلاندية العسكرية والملكية، بينما كان أنصار الأخيرين يرتدون القمصان الصفراء ويلجؤون إلى النزول للشوارع والتظاهر أيضاً لدفع أجنداتهم، أي أنهم كانوا يتبعون التكتيكات نفسها على الرغم من اختلاف المواقع والأجندات، ولكن الصحيفة ترى أن تطور الأحداث على النحو الذي شاهده العالم نهاية الأسبوع الماضي، قد يدل على أن هناك شيئاً جوهرياً يمكن أن يتغير هذه المرة، خصوصا بعد التصريح الذي أدلى به تاسكين وقال فيه: بما أن العسكريين أنزلوا الدبابات إلى الشوارع، فإن الاحتجاجات السلمية لن تكفي، ووقت الثورة قد حان. وهذه الاضطرابات على الرغم من هذا التطور لا تهدد النظام الملكي على الرغم من أنها استهدفت بغضبها كبير المستشارين السياسيين للملك. ومع ذلك فمن رأيها أن الملك يرتكب خطأً جسيما عندما يسمح لنفسه بأن يكون قريبا بتلك الدرجة من العسكريين والنخبة المحافظة الحاكمة لأنه يضع نفسه بذلك وجها لوجه في وجه الأغلبية الكاسحة من سكان بلاده على الرغم من رمزيته كحاكم أبوي يجب أن يستظل الجميع على قدم المساواة بظله. إعداد: سعيد كامل