ألقت لبنى القاسمي كلمة في مؤتمر "رؤية دبي" الذي نظمته "كليات التقنية" مؤخراً، عن الدور الريادي الذي تقوم به المرأة في الإمارات، ودللت بالأرقام على مدى صحة ودقة ما ورد في كلمتها. وبالفعل كانت هناك أرقام دقيقة عن نسبة إشغال المرأة في مجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والمناصب القيادية المتعلقة بصناعة القرار. ولكن هل يكفي توزير المرأة ومنحها مقاعد برلمانية لنقول إنها وصلت لقمة طموحاتها وآمالها، وحققت الكثير؟ الهدف هنا ليس المنصب في حد ذاته، بل الإيمان بالدور الذي تلعبه المرأة والرجل في أي مجتمع، وتحديداً المجتمعات التي لا زالت تنظر للمرأة بأنها نصف غير أساسي ما دام هناك رجل يقوم بأدواره كافة. فالمرأة في السلم الوظيفي قد تكون مُعطلة، وتأتي غالباً بعد إنجاز الرجل وحصوله على كل ترقياته، فالبعض يعتبر أن الرجل يعول أسرة، وينسى أن الأمر نفسه ينطبق على المرأة التي قد تعول أسرة أكثر هموماً من الرجل. وفي تعداد الأمية تحتل المرأة النسبة الأكبر، وهذه مشكلة ما زالت تشكو منها نساء البلدان النامية اللواتي لم يحالفهن حظ الوصول الى وعي أبوي بضرورة العلم سواء للرجل أو المرأة. فالحديث بالأرقام أحياناً يعكس جانباً سلبياً، وكأن الأرقام دلالة على الاكتفاء، وبالتالي لا يستدعي الأمر عناء الاستمرار أو البحث عن حقيقة هذه الأرقام. فالمرأة ليست بحاجة إلى منصب لتثبت موقعها في المجتمع، ولتسكت منظمات حقوق الإنسان المطالبة بتمكين المرأة. فما زال الدرب وعراً وبعيداً عن أضواء الإنجاز الفعلي وتعاطي الإنجازات، لا يعني أبداً أن المرأة تمكنت فعلاً من دور ريادي معزز لحضورها المجتمعي. فالمرأة التي تدير أخطر مؤسسة اجتماعية وهي الأسرة، لم يلتفت إليها أحد، ولم تسع أي من الجهات الرسمية وغيرها لاستيعاب خطورة الدور الذي تلعبه، فليس هناك حملات توعية ولا حتى مناهج دراسية تعزز مفهوم تساوي المرأة والرجل في العلم والتعلم، بل لا زالت المرأة في كثير من وسائل الإعلام، تقضي وقتها في المطبخ، وكأن اختزال دورها يضعها فقط داخل مكان معزول كهذا. الاهتمام بالمرأة لا يقتصر على إنشاء مؤسسات لها، بل يشمل أيضاً خطة استراتيجية طويلة المدى، تبدأ في غرس قيمة العمل، وإدراك أهمية توازن الأدوار الاجتماعية منذ الطفولة المبكرة وسنوات الدراسة الأولى. فليس الهدف أن تفهم المرأة دورها فقط، وتدرك أنها لم تخلق لتتبع أحداً، بل إن الرجل أيضاً يحتاج إلى غرس مفاهيم وقيم تؤكد حضور المرأة في ذهنه بصفتها شريكاً فاعلاً في كل تفاصيل الحياة. المرأة تؤمن بالرجل، وبضرورة التنمية التي تستهدف كافة فئات المجتمع بلا استثناء. فالهدف ليس الوصول إلى منصب ما، والأساس هو العمل دوماً على صناعة دور حقيقي، بعيد كل البعد عن الاستعراض. فالمرأة همٌ عظيم، وما زال الوقت طويلاً للحديث عن أنها وصلت إلى أقصى طموحاتها، وأن المجتمع تخلى عن نظرته التقليدية تجاهها.