كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948 بداية حقبة حقوق الإنسان الدولية وخطوة أولى للبشرية في سبيل وضع أساس قانوني لحقوق الإنسان ظهر على هيئة إعلان تلته سلسلة معاهدات وبروتوكولات شكلت في مجملها شرعة حقوق الإنسان الدولية، وأنشأت آليات دولية لحماية حقوق الإنسان ظهرت بشكل لجان معاهدات حقوق الإنسان، أو آلية الإجراءات الخاصة وأصحاب الولايات أو إجراءات الشكاوى. وعلى رغم ذلك واكب القصور تلك الآليات الدولية فكانت ولادة مجلس حقوق الإنسان وآلية الاستعراض الدوري الشامل، ويهدف الاستعراض إلى الوقوف على مطابقة السياسات الوطنية في مجال حقوق الإنسان مع القانون الدولي لحقوق الإنسان بالاعتماد على منهجية محددة لـ192 دولة من أعضاء الأمم المتحدة سيشملها الاستعراض قبل نهاية عام 2011. وقد أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجلس حقوق الإنسان في 15 مارس 2006 ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي كانت تتبع المجلس الاجتماعي والاقتصادي ليصبح سلطة أعلى معنية بحقوق الإنسان تتبع مباشرة الجمعية العامة. ويتألف المجلس من 47 دولة عضواً منتخبة يتعين أن تتمتع بأرفع المستويات من حيث تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ويعقد المجلس جلسات منتظمة على مدار العام، وحددت صلاحيات المجلس في نشر المبادئ الدولية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما يعمل على مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، ويقدم التقارير ويرفع التوصيات بخصوصها. يعد إنشاء مجلس حقوق الإنسان، على رغم التحفظات والانتقادات التي واكبت عمله خلال الفترة الماضية، من أهم الخطوات الدولية الهادفة إلى تعزيز الآليات الحكومية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم، فالجمعية العامة تختار أعضاء المجلس على أساس سجل الدولة الحقوقي، حيث اشترطت المادة الثامنة من قانون إنشاء المجلس أن تكون لدى الأعضاء إسهامات واضحة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، إضافة إلى الوفاء بالتزاماتهم تجاه تعزيز حقوق الإنسان، والتعاون مع الإجراءات الخاصة بهذه الحقوق، وكذلك التعاون مع المجلس تعاوناً كاملا، وعلى رغم تحفظ بعض الدول والمنظمات الحقوقية على اختيار عدد من الدول العربية في عضوية مجلس حقوق الإنسان إلا أن سعي هذه الدول للانضمام لمقاعد المجلس كفيل لوحده ببيان سعيها الحثيث لتحسين سجلها و صورتها الدولية. لقد بدأ مجلس حقوق الإنسان بتطبيق آلية الاستعراض الدوري الشامل في أبريل 2008، وهي آلية تقوم على استعراض شامل لأوضاع حقوق الإنسان من خلال تقرير موضوعي وموثق تقدمه الدولة يوضح مدى وفائها بالتزاماتها وتعهداتها وتكمل هذه الآلية عمل الهيئات التعاقدية، ويمثل الاستعراض الدوري الشامل تحديّاً للدول لتعزيز حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع بغض النظر عن انضمامها أو عدم انضمامها لمعاهدات حقوق الإنسان أو التحفظات على بعض مواد المعاهدة التي تلجأ إليها الدول حال الانضمام، حيث شكلت الآلية آلية للنظر والتدقيق، إن لم تكن للمحاسبة، نظراً للجوء عدد من الدول، خاصة الدول العربية، لتأسيس شبكة حماية للدول المعنية محل الاستعراض عن طريق التركيز على قضايا هامشية بل وجاءت مداخلات بعض الدول على شكل تساؤلات وليس انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان. استطاعت آلية الاستعراض الدوري، وخلال عامين منذ انطلاقها في 7 أبريل 2008 حتى اليوم، استعراض أوضاع 112 دولة عضوا من خلال مقاربة فريدة تنطلق من النظر في وضعية الدولة العضو بصورة منتظمة ودورية، وتركز على ضرورة الوفاء بواجباتها وحتى بالتزاماتها الطوعية خلال أربع سنوات، ويخرج بتوصيات فيما يتعلق بتقديم المساعدة الفنية والمادية والبشرية للدولة التي تعاني من ضعف في آلياتها المعنية باحترام وحماية حقوق الإنسان.