في بهو أحد فنادق الخليج العربي حيث عقد اجتماع لوكلاء بعض الوزارات بدول مجلس التعاون، وعلى هامش ذلك التقيت ببعض زملاء الدراسة في أميركا حيث أثار أحدهم قضية وهو مازحاً بقوله: أنا في هذه اللجنة الوزارية منذ أكثر من ثلاث سنوات، وكلي شوق أن أسمع تعليقاً من ممثل دولة الإمارات في هذا الاجتماع، فاستغربت من حديثه، وظننت مازحاً وقلت: لم أفهم قصدك، فقال ما أعنيه أن ممثلكم أعرفه منذ ثلاث سنوات، لحضوره معنا، ومع هذا لم أسمع منه تعليقاً أو مداخلة أو رأياً في جل القضايا المطروحة، وإن تكلم فإما بالموافقة، وأنه بعرض الأمر على المسؤولين...لم أصدق ما قاله، حتى أكد لي أكثر من زميل ذلك، وبالذات أنهم من دول مختلفة، علقت على هذا الحديث: نحن في دولة الإمارات نتوقع من المسؤولين العمل، وليس مجرد الكلام، فقال الحضور صدقت. تأملت كثيراً في هذا الأمر، ودارت قضايا في ذهني وبحثت في الأسباب، التي قد تحول بين المرء والكلام في الاجتماعات. وفي أثناء ذلك تأملت مواقف لقادة الإمارات، فمنهم شعراء وأدباء وأهل فصاحة، وكم سعدنا كمثقفين ببلاغة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كلمته الارتجالية التي شرف حفل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وتخيلت جمال كل شيء تم إنجازه في وطني. فكل ما سبق لا يعفي الإنسان من إبداء وجهة نظره في موضوع مطروح للنقاش في اجتماع للمسؤولين، واطلعت بعد ذلك على ما يخدم هذا المجال، وكان ملخصه: العامل الأول: الخوف وعدم الشعور بالأمان، لذا يعرف هذا الإنسان شعار: "أصمت تسلم". والعامل الثاني الذي يحجم به صاحبه عن الكلام، كونه غير متخصص في مجال مهنته، كأن يكون الاجتماع لأطباء، ومن يمثل الإمارات بعيد عن هذا التخصص في هذه الحال الصمت أفضل له من الكلام، وهذا ما ينبغي الانتباه إليه، فالتعليم في دولة الإمارات له إنجازاته المتميزة وقد تخصص أبناؤها في شتى العلوم، والفنون، فمن الأنسب تسكين الشخص المناسب في المكان المناسب. والعامل الثالث: وقف النمو المهني للإنسان، فبعض المسؤولين شغلتهم مناصبهم عن التطوير، وبعضهم ربما لم يحضر ورشة متخصصة أو مؤتمراً علمياً، وهذا أيضاً قد يبعده كثيراً عن المستجدات في تخصصه، مما لا يمكنه من الحوار مع نظرائه في هذه الاجتماعات، مما يجعل البعض للصمت أقرب.