تعدّدت التوقعات التي ترجّح عودة الاقتصاد الوطني إلى النمو بمعدلات جيدة خلال العام الجاري، استعداداً للانطلاق إلى مرحلة جديدة من النمو والازدهار خلال السنوات المقبلة، وكانت آخر هذه التوقّعات من طرف "صندوق النقد العربي"، حيث إنه رجّح أن يحقق الاقتصاد الإماراتي نمواً يتراوح بين 3.5 في المئة و4 في المئة خلال العام الجاري. وتأتي هذه التوقّعات بعد أن أعلن "صندوق النقد الدولي"، مؤخراً، توقعاته بأن يحقق الاقتصاد الإماراتي نمواً بنحو 3 في المئة خلال عام 2010، وأن يحقّق معدلات أعلى للنمو خلال الأعوام المقبلة. كما توافقت هذه التوقّعات مع بعض تقديرات "وزارة الاقتصاد" في الدولة، التي رجّحت نمو الاقتصاد الوطني بمعدل يتراوح بين 3 في المئة و4 في المئة خلال العام الجاري، وبمتوسط نمو يبلغ نحو 3 في المئة على الأقل على مدى الأعوام الخمسة الممتدة بين عامي 2010 و2014. وبجانب هذا وذلك، فقد أتت توقّعات العديد من المؤسسات البحثية الخاصّة ومؤسسات التصنيف الائتماني حول العالم بشأن أداء الاقتصاد الإماراتي متطابقة مع توقّعات المؤسسات الرسمية العالمية والإقليمية والمحلية جميعها، فرجّحت خروج الاقتصاد الإماراتي من تداعيات "الأزمة المالية العالمية" بأسرع من المتوقع، متفوّقاً على العديد من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة. ويؤكّد هذا التوارد وشبه تطابق توقعات المؤسسات المختلفة أن هناك ثقة عالميّة واسعة بالاقتصاد الإماراتي، وأنه لديه القدرة بالفعل على استكمال طريق التعافي الحقيقي خلال العام الجاري، والانطلاق إلى أفق أوسع للنمو والازدهار خلال السنوات المقبلة، وقد يدلّ توافق التوقعات أيضاً على أن الأداء الإيجابي للاقتصاد الإماراتي يعود إلى قدرات ذاتيّة استطاع الاقتصاد أن يبنيها في الماضي لتمكّنه من النمو في المستقبل، من دون انتظار اكتمال تعافي الاقتصاد العالمي. وبالفعل فقد استطاع الاقتصاد الإماراتي بفضل أدائه المستقرّ خلال السنوات الماضية أن يمتلك مجموعة من المحرّكات الذاتية مكّنته من الصمود في مواجهة "الأزمة المالية"، ويتوقع أن تساعده على أن يكون أكثر نمواً في المستقبل أيضاً. ويأتي الإنفاق الحكومي السخي على المشروعات التنمويّة ومشروعات البنية التحتية بين أهم هذه المحركات، وهي المشروعات ذات الآثار التنموية واسعة النطاق، وذات القيمة المضافة العالية، وذات القدرة الكبرى على توليد فرص العمل مقارنة بالعديد من المشروعات الأخرى. وبجانب ذلك، فقد استطاع الاقتصاد الإماراتي خلال العقود الماضية أن يوفّر لسكانه مستويات مرتفعة من الدخول، تنافس مستويات الدخول في معظم الاقتصادات المتقدّمة، وتتفوق عليها في أنها خالية من الضرائب، الأمر الذي ساعد على زيادة القدرة الشرائية لمعظم فئات سكان الدولة، بما سمح للإنفاق العائلي أن يكون محركاً رئيسياً بين محرّكات النمو الاقتصادي الإماراتي. كما أن سياسة الانفتاح على العالم الخارجي والاندماج في الاقتصاد العالمي، التي تتّبعها دولة الإمارات، بجانب الإصلاحات العديدة التي أدخلتها على أطرها التشريعيّة والتنظيميّة، بجانب توافر الفرص الاستثمارية الواعدة، جعلت الاقتصاد الإماراتي وجهة عالمية مفضّلة للاستثمارات الأجنبية، ومن المتوقّع أن تتضاعف تدفّقات هذه الاستثمارات إلى الدولة، لتكون أحد محركات النمو خلال السنوات المقبلة. وهناك محرك آخر يتولّد عن سياسة الانفتاح التي تنتهجها الدولة، وهو يتمثل في المكانة التي استطاع الاقتصاد الإماراتي أن يكتسبها كبوابة للأسواق الإقليمية ومركز لأنشطة إعادة التصدير إليها، التي تساعد على رواج العديد من الأنشطة التجاريّة والخدمات المكمّلة لها في الدول، ليكتسب الاقتصاد الإماراتي واحداً من أهم محركات النمو يتوقّع أن يبقى أداة فاعلة لتمكينه من النمو في المستقبل. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.